السوري المتروك لمواجهة الإجرام بالصوت والصورة

السوري المتروك لمواجهة الإجرام بالصوت والصورة
ملكية الصورة: وكالة زيتون
رزق العبي - وكالة زيتون

لا شكّ أنّ المشاهد المروّعة لمجزرة التضامن كان لها وقع صاعق في نفوس ملايين السوريين، والتي أظهرت بشاعة وإجرام نظام الأسد في التعامل مع السوريين، بالصوت والصورة وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع، إلّا أنّها ستُطوى مثلها مثل غيرها من الجرائم.

لاقى أولئك الأشخاص الـ 41 موتاً بطريقة كوميدية (من وجهة نظر الممثلين والمخرج والمصور القتلة) وهم عزَّل ومن مختلف الأعمار.

وهنا يتبادر للذهن عن السبب الذي دفع هؤلاء القَتلة لتوثيق إجرامهم بتلك الطريقة القاسية، دون أدنى شعور أو ضمير، في ظلّ غياب أي رادع أخلاقي أو ديني أو إنساني أو وطني؟

لعل الجواب في أنّ يكون ذلك لإرعاب السوريين الأحياء، مستبعداً قليلاً خصوصاً وأنّ الفيديو قد يتسبب في إلحاق ضرر لاحق بمصوّره وفاعله.

يبدو من طول السنوات التي مرّت على الفيديو الذي ليس الأول وربما لن يكون الأخير، أن القاتل والقتلة الذين حوله، قد وثّقوا إجرامهم لمشاهدته بين الحين والآخر، على مبدأ تركه في أرشيفهم ليطالعونه وقت اشتهوا القتل والإجرام.

إنّ هذا الإجرام الموثق بالصوت والصورة لا يقلّ بشاعة عن قصف مدن الغوطة الشرقية وخان شيخون وكفرزيتا بالكيماوي، وكذلك لا يقلّ إجراماً عن إلقاء البراميل المتفجرة على آلاف المدنيين من السماء.

لقد استمتع نظام بشار الأسد منذ 2011 ومن قبله نظام حافظ الأسد بقتل السوريين بطرق عديدة أبسطها القتل الجسدي، من جهة نظري، لأنه بتلك الصورة يقتل الأحياء بشكل أكثر إيلاماً.

ربما في مشهد الـ 41 شهيداً في مجزرة التضامن، كنّا نتألم بدرجة كبيرة، ولكن هل وضعنا أنفسها للحظة واحدة مكان ذوي الضحايا؟ وكيف كان شعور الزوجة وهي تشاهد في شريط فيديو زوجها يُساق نحو حفرة خُصِّصت لقتله بتلك البشاعة؟.

بعد أيام من المجزرة أصدر عرّاب القتل بشار الأسد عفواً مزعوماً عن السوريين، وأمعن في إذلال ذويه، عبر تركهم في شوارع دمشق ينتظرون خروج أولادهم.

كل هذا يحدث علناً، وعلى مرأى العالم أجمع، وكأن الأسد يتحدّى كل ما يمتّ للإنسانية بصلة، في أنهم لن يفعلوا شيئاً. حتى وصل الأمر بكثير من السوريين للقول: إنّ بشار الأسد لديه ضوء أخضر بالقتل وإلا ما كان له أن يقتُلنا بالصوت والصورة دون أي خوف أو قلق من دول العالم.

فبعد انتشار فيديو المجزرة، توقّع السوريون أن تتراجع بعض الدول عن تواصلها مع نظام الأسد، لكنّ العكس قد حصل، فقد تبادل “جـ.ـزار دمشق” التهاني بمناسبة العيد مع بعض الدول التي تدعمه، وكأنّ دماء السوريين لا تعني شيئاً على مقاس الإنسانية.

ولكن.. مع كل هذا الخذلان العربي والعالمي تجاه القضية السورية، لا يبدو أنّ السوريين يساومون على حقّهم في القصاص من هذا النظام، وقد يعتقد الأسد أنّه كلما أمعن في القتل كلما دفع السوريين للاستكانة أكثر، وهو ما لم يحصل.

لقد راهن الكثيرون على إصرار السوريين منذ سنوات عديدة، وهم في كل يوم يخسرون الرّهان، وهم يواجهون أجيالاً جديدة أيضاً لا تقبل أبداً بتلك العصابة أن تبقى على رأس السلطة في سوريا فحسب، وإنما محاسبة المجرمين كل المجرمين على جرائمهم بحقّ السوريين.