تحركات وقرارات أوروبية لمواجهة خطر فقدان الغاز الروسي

تحركات وقرارات أوروبية لمواجهة خطر فقدان الغاز الروسي
انترنت
عنب بلدي

سجلت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا الخميس، 25 من آب، ارتفاعًا بنسبة أكثر من 6% لتصل إلى مستويات غير مسبوقة، سبقها تحركات وقرارات من دول أوروبية للتحكم بقطاع الغاز الذي يشهد نقصًا في التوريد منذ الغزو الروسي على أوكرانيا.

وأظهرت بيانات التداول لبورصة لندن “ICE”، أن أسعار الغاز في أوروبا، أمس الخميس، كسرت حاجز 3200 دولار لكل ألف متر مكعب، إذ قفزت العقود الآجلة للغاز بنسبة 8%، وذلك للمرة الأولى منذ آذار الماضي.

وأرجع محللون اقتصاديون من موقع “Engie EneryScan” لوكالة “رويترز“، سبب ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، إلى الإعلان الصادر الثلاثاء، بتأجيل إعادة تشغيل محطة “فريبورت” للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، والذي كان يصدر ما يصل إلى 15 مليون طن سنويًا للقارة الأوروبية.

وأجلَّت شركة “فريبورت” للغاز الطبيعي المسال إعادة تشغيل المحطة إلى نهاية تشرين الثاني، بعدما كان متوقفًا عن العمل منذ حزيران الماضي، بسبب اندلاع حريق في المحطة.

وبدأت المخاوف من نقص الغاز في أوروبا منذ يوم الجمعة الماضي، حين أعلنت شركة الطاقة الروسية “غازبروم”، أن ضخ الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب “السيل الشمالي-1″، سيتوقف لمدة ثلاثة أيام، ابتداءً من 31 من آب المقبل وحتى 2 من أيلول، بسبب أعمال صيانة مجدولة.

تحركات فرنسية ومصادر بديلة أدت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى نشوب أزمة طاقة عالمية، وبالأخص على توريدات الغاز الأوروبية، وبدأت بعض دولها بالبحث عن مصادر بديلة للغاز الروسي، إذ اتفقت غالبية دول الاتحاد الأوروبي على أهمية خفض إمداداته من الغاز الطبيعي الروسي، ضمن جهود يتبعها التكتل لإضعاف موسكو اقتصاديًا.

واتجهت ألمانيا منذ آذار الماضي إلى دول الخليج العربي، وبالتحديد قطر، لتعويض الغاز الروسي، بينما ذهبت إيطاليا إلى إفريقيا وتحديدًا الجزائر ومصر، كما عززت إسبانيا حصتها من الغاز الطبيعي القادم من الجزائر.

بينما وجدت دول غرب أوروبا والمملكة المتحدة من الغاز الطبيعي المستورد من الولايات المتحدة، بديلًا لتعويض الغاز الروسي.

وتوجه الخميس الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الجزائر، لإحياء العلاقات الثنائية معها بعد سنوات من القطيعة، وذلك تحت ضغط نقص الطاقة في عموم أوروبا إثر الحرب الروسية في أوكرانيا، وزيادة الحاجة إلى غاز شمال إفريقيا.

في المقابل تحاول الجزائر الاستفادة من ارتفاع أسعار الطاقة لتأمين عقود ومشاريع استثمارية مع الحكومات الأوروبية، كما فعلت مع إيطاليا وتركيا.

وأفادت صحيفة “ذا تلغراف” البريطانية الخميس، بأن أول ناقلة غاز طبيعي مسال منذ ست سنوات وصلت إلى المملكة المتحدة قادمة من أستراليا.

وأوضحت الصحيفة أن الناقلة “أتالوس”، المحملة بالغاز الطبيعي المسال، رست في أكبر مستودع للغاز الطبيعي المسال في أوروبا التابع لشركة “National Grid”.

قرارات لخفض الاستهلاك أقرّت ألمانيا، التي تخشى نقصًا في الغاز، سلسلة من الإجراءات يوم الأربعاء لتوفير الطاقة، مثل تحديد درجات حرارة أجهزة التدفئة في المديريات والمباني العامة، ودعت الأفراد والشركات إلى اتباع نفس الإجراءات.

وقال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، “لا نريد قياس درجات الحرارة في غرف النوم ويجب احترام الحرية الفردية لكن هذه الإجراءات تدعو الأسر إلى تحمل المسؤولية والمساهمة في خفض استهلاك الطاقة”.

وسيوضع حد أقصى لحرارة أجهزة التدفئة في المديريات والمباني العامة عند 19 درجة اعتبارًا من الأول من أيلول المقبل، على أن تحدد درجتها عند 12 درجة حيث يؤدي الموظفون عملًا بدنيًا مجهدًا، كما سيوقف تشغيل أجهزة التدفئة في المناطق العامة مثل الممرات، ولن تكون هناك مياه ساخنة للمغاسل العامة.

وستسهم هذه الإجراءات في خفض استهلاك الغاز في ألمانيا بنسبة 2%، وتعتمد ألمانيا على الغاز الطبيعي لتشغيل المصانع وتدفئة المنازل والشركات وتوليد الكهرباء.

وشكلت زيادة الاحتياطي محورًا رئيسيًا للحكومة الألمانية منذ بدء الغزو الروسي على أوكرانيا، إذ اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على إجراءات طارئة لتقليل استخدامها للغاز في الشتاء المقبل بنسبة 15%، في محاولة لزيادة أمن الاتحاد الأوروبي لإمدادات الطاقة، لمواجهة خطورة وقف أو نقص إمدادات الغاز من روسيا في الشتاء.

وبحسب بيان صادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي في 26 من تموز الماضي، توصلت الدول الأعضاء إلى اتفاق سياسي بشأن خفض “طوعي” للطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 15% في الشتاء المقبل، مقارنة بمتوسط ​​استهلاكها في السنوات الخمس الماضية.

وفي حال وجود “مخاطر نقص حاد”، سيدعو المجلس إلى تفعيل “آلية إنذار” بعد التشاور مع الدول، يصبح بموجبها خفض الاستهلاك بنسبة 15% “ملزمًا” للدول الـ27.

ويأتي إقرار هذا الإجراء في سياق تداعيات قرار روسيا خفض إمداداتها من الغاز، والتي كانت تمثل حتى العام الماضي حوالي 40% من واردات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي