طوّر جهاز الشرطة.. بهجت الخطيب: حكاية رئيس ولد في لبنان وحكم سوريا
يستكمل موقع " تفاصيل برس" موسوعته الأرشيفية حول رؤساء سوريا، وعنا قد بدأنا في أول مادة من السلسلة الحديث عن "محمد علي العابد" أول رئيس لسوريا. وهاشم الأتاسي ثاني رئيس لسوريا.
اليوم نستعرض السيرة الذاتية للرئيس بهجت الخطيب، الذي ولد في لبنان، وتولى الرئاسة بسوريا في فترة غير مستقرة، فمن هو بهيج الخطيب؟
ولد بهيج الخطيب وهو لبناني الأصل في قرية شحيم اللبنانية وتلقى الخطيب تعليمه في مدارس سوق الغرب ومن ثم تابع تعليمه في الجامعة الامريكية في بيروت.
انتقل للعيش في دمشق بعد انتهاء حكم العمانيين في المنطقة، وعُيِّن كاتباً في ديوان الأمير فيصل، وانضم بعدها لوزارة الداخلية في عهد الوزير رضا الصلح وعمل موظفا في الداخلية لغاية انتهاء الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سوريا.
بداية صعود الخطيب ومناصبه التي تقلدها
في بداية مرحلة الانتداب وبعد حصول الخطيب على الجنسية السورية، تم تعينه سكرتيرا لحاكم دولة دمشق "حقي العظم" وفي سنة 1926 أصبح مساعدا لشقيقه فؤاد الخطيب مدير مكتب رئيس الدولة حينها "أحمد نامي" وعند تعين الشيخ تاج الدين الحسني رئيسا للحكومة في شباط 1928 اختار الخطيب ليكون مديرا للشرطة السورية.
طوّر بهيج الخطيب من سلك الشرطة السورية، وقد اصطدم بالكتلة الوطنية في انتخابات 1928.
وقالت المراجع التاريخية أنه تدخل في عملية التصويت لصالح الشيخ تاج الدين عبر عناصر الشرطة والدرك التابعين له.
واحتجّت الكتلة الوطنية على تجاوزات الخطيب واتهمته بالتزوير والتلاعب الانتخابي، وقاد أحد قادة الكتلة الوطنية "فوزي الغزي" مظاهرةً ضد الشيخ تاج الدين أمام الجامع الأموي بدمشق ما دفع بالخطيب لاعتقاله على إثر تلك المظاهرة لترد الكتلة الوطنية بمظاهرة أكبر بساحة المرجة عند مدخل السراي الكبير، وقام بهيج الخطيب وعدد من عناصره بتفريق المظاهرة بنفسه وأطلق عينات رصاصية قتلت من ستة من المتظاهرين.
وكتب الصحفي آنذاك نجيب الريس مقالاً مفصلاً حول الحادثة في جريدة القبس ما دفع الخطيب إغلاق الجريدة واعتقال صاحبها. مما أحرج الفرنسيين بعد خروج مظاهرة أمام مسجد الأقصاب ودفعهم للتخلي عن الخطيب سنة 1934.
الوصول إلى الحكم
بعد تزكية من الفرنسيين عاد بهيج الخطيب إلى الصدارة سنة 1936 محافظاً على دمشق في أثناء حكومة عطا الأيوبي الانتقالية، ثم على جبل الدروز في عهد رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي فيما قيل أن الاتاسي قبل به على مضض، نظراً للعداء بين الخطيب والكتلة الوطنية.
وبعد استقالة الأتاسي في الثامن من تموز 1939 وقع الخيار على بهيج الخطيب ليكون رئيساً لحكومة من الاختصاصيين غير الحزبيين وسميت بحكومة المديرين وكان من المفترض أن تكون انتقالية إلا أن اندلاع الحرب العالمية الثانية أبقاها في الحكم لغاية 1941.
موضوع مرتبط: محمد علي العابد.. سيرة ذاتية لأول رئيس لـ "سوريا"
وذكرت المراجع بأن حكومة المديرين كانت حكومة غير سياسية، واكتفت بالشأن الإداري، وكان تدخل المفوض الفرنسي في إدارة شؤون المرحلة واضحًا وجليًا، ومع تطبيق هذه الإجراءات في سوريا طبقت تباعًا في لبنان. وأول أعمالها كان حظر العمل السياسي والانتماء الحزبي على موظفي الحكومة، وفصل من يثبت تعاطيه الشأن السياسي أو الحزبي.
لاحقت الحكومة الأحزاب والشخصيات الوطنية، وبعد أن حظر الخطيب العمل السياسي على موظفي الحكومة، حلّ الأحزاب والمنظمات السياسية والنقابية، وكرّست حكومته أحكامًا عرفية لاعتقال المعارضين. في أبريل 1940 أحال الخطيب 27 عضوًا من الكتلة الوطنية إلى المحاكمة بتهمة التعامل مع ألمانيا، وحكم على سبعة منهم بالإعدام.
اغتيال الشهبندر
عُرف عن عبد الرحمن الشهبندر معارضته الصلبة لفرنسا والخطيب، وفي الوقت ذاته للكتلة الوطنية. وقد خلق اغتياله في السابع من يوليو 1940 في عيادته برصاصة في الرأس، أزمة سياسية في البلاد مع اتهام أركان الكتلة الوطنية بالجريمة، ومنهم الرئيس المقبل للبلاد شكري القوتلي فهرب معظم قادة الكتلة في ليل الحادث إلى العراق.
وتمكنت قوات الشرطة السورية في اليوم التالي للجريمة، من اعتقال الفاعلين الأربعة برئاسة أحمد عصاصة مختفين في بساتين الغوطة وأقامت بقرار من المفوض السامي محكمة خاصة للنظر في الموضوع ما سبب حنق الوطنيين: "إنّ القضاء السوري لا يشكّ في نزاهته، وعدله لتنقل الدعوى للقضاء الفرنسي" وقد أعدم شنقًا قتلة الشهبندر الأربعة.
موضوع مشابه: هاشم الأتاسي.. ثاني رئيس مُنتخب لسوريا و"أبو الدستور"
بعد حادثة اغتيال الشهبندر والاضراب العام الذي حدث حينها رمي على حكومته الفشل والتقصير وأنهي بذلك حكم الخطيب في 3 أبريل عام 1941.
غير أنه شغل منصب وزير للداخلية مرتين بعد انتهاء حكمه ثم محافظاً على دمشق بتعين من القوتلي إلا أنه وبعد ثلاث أيام من صدور المرسوم عزله القوتلي نزولاً عند رغبة رئيس حكومته آنذاك سعد الله الجابري.
وغادر دمشق إلى مسقط رأسه في بلدة شحيم اللبنانية وتوفي سنة 1981 عن عمر ناهز 93 عاماً ووصف مرحلته السياسية بعدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية.