بسام صهيوني.. مسيرة أكاديمية وفكرية نحو المستقبل السوري.

بسام صهيوني.. مسيرة أكاديمية وفكرية نحو المستقبل السوري.
مصدر الصورة: الإنترنت
مريم الإبراهيم – تفاصيل برس

في إطار سعي موقع "تفاصيل برس" للتعريف بقامات علمية وأكاديمية ساهمت بشكل كبير في المجتمع السوري، نستضيف اليوم شخصية فذة في مجال التعليم والدراسات الإسلامية، الدكتور "بسام محمد صهيوني"، الذي يُعدّ من أبرز الأكاديميين الذين عملوا على دعم القضايا المجتمعية وتطوير التعليم في سوريا من خلال هذه المقابلة، نسلط الضوء على محطات حياته العلمية والعملية، وتضحياته الكبيرة في سبيل تطوير المجتمع السوري، بالإضافة إلى رؤيته للمستقبل في ظل التحديات التي يواجهها السوريون في الوقت الراهن.

يسرنا في موقع "تفاصيل برس" أن نرحب بالدكتور بسام محمد صهيوني، الأكاديمي والمفكر السوري البارز، الذي كان له دور كبير في مجال العلوم الإسلامية والتربية والتعليم، وأثر بالغ في دعم قضايا المجتمع السوري في هذه المقابلة، نتناول مسيرته العلمية والمهنية، وأهم المحطات التي شكلت شخصيته الفكرية، فضلاً عن التحديات التي واجهها في مسيرته، ودوره في خدمة قضايا المجتمع السوري.

-بداية  نرحب بكم دكتور، حدثنا عن تاريخك الأكاديمي والمهني، أين وُلدت، وما هي أهم محطاتك التعليمية والمهنية؟

وُلدت في مدينة بانياس عام 1972، وصهيوني نسبة إلى منطقة صهيون في جبال اللاذقية وفيها قلعة صهيون التي فتحها صلاح الدين الأيوبي  -(584هـ -1188م). 

نشأت في بيئة محورية تأثرت بالحروب والتغيرات السياسية، حيث نشأت بدايةً في بيروت قبل أن أعود إلى بانياس مع بداية الحرب الأهلية اللبنانية، تلقيت تعليمي الابتدائي والإعدادي في بانياس، ثم حصلت على شهادة الثانوية العامة في الفرع العلمي بعد ذلك، التحقت بكلية الدعوة الإسلامية في دمشق عام 1989م، حيث حصلت على لسانس الدراسات الإسلامية واللغة العربية ، لم تتوقف مسيرتي التعليمية هنا، إذ واصلت دراستي في جامعة أم درمان السودانية في كلية الشريعة والقانون، فحصلت على دبلوم الدراسات العليا ، ثم تمهيدي الماجستير في نفس الجامعة، ثم حصلت على درجة الماجستير عام 2004م بتقدير ممتاز ثم في عام 2010 م حصلت على درجة الدكتوراة في نفس التخصص بتقدير ممتاز أيضا.

حرصت على تطوير مهاراتي الأكاديمية، ما مهد لي الطريق للتدريس والمساهمة الفكرية في مجالات متعددة، فشاركت في العديد من المؤتمرات والورش التعليمية.

- كيف كانت نشأتك؟ وهل هناك مواقف أثرت في تشكيل شخصيتك الأكاديمية؟

نشأت في بيئة مليئة بالتحديات، وكان لهذه البيئة تأثير كبير على شخصيتي الأكاديمية، كان المعهد الذي درست فيه في دمشق له دور كبير في تكويني الفكري والعلمي لقد درست على يد كبار العلماء في دمشق، مثل الشيخ "عبد القادر الأرناؤوط"، والشيخ كريم راجح شيخ القراء والدكتور "وهبة الزحيلي" والدكتور محمد الزحيلي والدكتور "مصطفى الخن" والدكتور محمد خير هيكل وغيرهم من العلماء الكبار الذين أسهموا في تشكيل فهمي العميق للعلوم الإسلامية.
كما كان للعديد من الحلقات الدراسية في المساجد وحضور الدروس خارج المعهد دور في صقل مهاراتي التدريسية وإثراء معرفتي، هذا التفاعل مع علماء مختلفين وتبادل الأفكار ساعدني على توسيع آفاقي الأكاديمية.

-ما هي أهم المحطات في مسيرتك المهنية التي أثرت في مجالك؟

بدايةً، كان دخولي إلى معهد الشيخ بدر الدين الحسني الذي كانت له قيمة علمية كبيرة في دمشق فهو معهد مؤسس من سنة 1951م فكان هذا المعهد العريق من المحطات الأساسية في مسيرتي الأكاديمية، وبعد تخرجي من المعهد في 1995، بدأت التدريس في نفس المعهد في عام 1995، حيث عملت لمدة ثماني سنوات حتى 2003. كان هذا المعهد معروفاً بعلمه العميق وتنوعه الفكري، حيث كان يدرس فيه طلاب من مختلف أنحاء العالم، مثل ماليزيا وإندونيسيا وروسيا والجزائر، ما أعطاني فرصة للتفاعل مع ثقافات متعددة.

من الناحية الأكاديمية ذكرت أن المعهد كان له أثر كبير في تكوين الشخصية الأكاديمية العلمية بالإضافة إلى حلقات العلم في المساجد والحلقات خارج الجامعة والمعاهد، كذلك  الدراسات العليا كان فيها أكبر علماء دمشق الدكتور "مصطفى الخن"  الدكتور "محمد الزحيلي"-رحمهما الله تعالى- الدكتور "محمد خير هيكل" الدكتور "مصطفى البغا" الدكتور "علي سلطان" كان لهم أثر كبير أيضا في صقل الناحية العلمية وتنميتها وتطويرها وقد ساهمت هذه المرحلة في  قفزة علمية كبيرة لي نتيجة هذه الدراسة الأكاديمية المعقمة فكان هناك توسع في الخبرة التي أعطانا إياها هؤلاء المدرسون الأفاضل الذين  كانوا على مستوى كبير من العلم.

بعد السجن خرجت إلى إسطنبول للقاء أهلي وواصلت فيها نشاطي الأكاديمي، حيث عملت مدرسا في الجامعة ثم مديرا عاما لهيئة المعرفة والثقافة التي شاركت من خلالها في تنظيم أكبر مؤتمر لتعليم السوريين عام 2017 .

بعد ذلك في 2017 أيضًا عدت إلى سوريا، وقمت بترتيب وتنظيم المؤتمر السوري العام مع فئة من الأكاديميين  لإنشاء إدارة موحدة تكون داخل سوريا ضمن الأراضي المحررة،  وبالفعل نجح المؤتمر ثم كان هناك هيئة تأسيسية ناتجة عن هذا المؤتمر و قد انتخبت لرئاسة لهذه الهيئة التأسيسية وقد كانت هذه الهيئة تمثل  البرلمان المصغر حيث كان من مهامها إنشاء الحكومة ومراقبتها و الموافقة على القوانين والأنظمة.

ما هي الأهداف الأساسية التي كانت لديك في مسيرتك العلمية والفكرية؟ وما هي المناصب التي شغلتها في المناطق المحررة

منذ بداية مسيرتي، كان هدفي الأساسي هو نشر العلم وتعليم الأجيال الجديدة القيم الأكاديمية والفكرية التي تنبثق من المنهج الإسلامي الذي جعل الله سبحانه أمته أمة وسطا ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، أعتقد أن العلم هو أداة التغيير الحقيقية للمجتمعات، ومن خلاله يمكن للأجيال القادمة أن تبني مستقبلًا أفضل، في المناطق المحررة، شغلت العديد من المناصب التي كانت تهدف إلى تحسين الوضع الأكاديمي ، في عام 2020، شغلت منصب وزير التعليم في حكومة الإنقاذ، حيث كان من أبرز أولوياتي تحسين الوضع التعليمي، رغم الظروف الصعبة التي كانت سائدة.

خلال فترة مسؤوليتي في وزارة التعليم، عملت على تقديم خطط تعليمية مبتكرة تهدف إلى رفع المستوى الأكاديمي، وتوفير الفرص التعليمية في ظل الوضع القاسي، على الرغم من التحديات الكبيرة، كنا نسعى دائمًا لتطوير المناهج التعليمية والاهتمام بجودة التعليم في المناطق المحررة.

- ما هي الأهداف الأساسية التي كانت لديك في مسيرتك العلمية والفكرية؟

بداية مشواري لا تزال حية، ولكن الأحداث التي مرت بها سوريا قد أضافت لهذه الأهداف بُعدًا آخر يتطلب تغييرًا حقيقيًا في جميع المجالات، سواء في السياسة أو في التعليم أو في الثقافة.

التحديات كبيرة في قضية هذا الإنشاء، كان الطرف الذي نتعامل معه فصيل عسكري، من البداية كان عندنا تحفظ، لم يكن هناك بد سوى التعاون معهم،  لإتمام العمل المؤسساتي وتطوير خدمات الناس و  الانتقال من حالة الفوضى إلى حالة المأسسة، كنا نظن أننا نستطيع أن نؤثر على فصيل هيئة تحرير الشام كأكاديميين دخلنا بقوة وكان هذا في البداية بالفعل ،كان تأثيرنا واضحا جدًا وساهمنا في تأسيس أول حكومة وبدأنا نشعر بأن الأمور تسوء بسبب  التدخل من قبل الهيئة لكن كان التدخل طفيفا لم يكن تدخلاً كبيراً في البداية.

توسعت الهيئة التأسيسية لتشكل مجلس الشورى العام، كنت أيضاً أنا رئيس مجلس الشورى العام،  لكن كان هناك المزيد من المضايقات ومزيد من التدخل الذي لا نرضاه كأكاديميين أن يتدخل فصيل عسكري بالعمل المدني المؤسساتي، فبناءً على ذلك  أعلنت استقالتي على الملأ من رئاسة مجلس الشورى على صفحتي على التويتر والتلغرام عام 2019،  بسبب هذه التدخلات الغير مرضية، والغير مقبولة في العمل المؤسساتي ومحاولة  فرض الرأي على مجلس الشورى والتدخل في شؤونها، مواقفنا عديدة في دعم قضايا المجتمع السوري، كانت أبرز هذه المواقف بعد المظاهرات التي خرجت ضد هيئة تحرير الشام في 2024، حيث قمت بالتضامن مع الناس وانتصرت لحقوقهم، بسبب ذلك تعرضت للملاحقة وصدرت بحقي مذكرة اعتقال، كما تم فصلي من الجامعة، هذه التجارب جعلتني أرى أن هناك فجوة كبيرة بين العمل الأكاديمي والقيادات العسكرية، حيث يحاول العسكر فرض رأيه بقوة السلاح وترهيب الناس.

ربما يكون لفترة السجن الطويلة أثر في عدم معرفة الفصائل وخاصة فصائل الهيئة بنا وبطريقة تفكيرنا العميقة لدعم الشعب السوري،  لم يكن هناك اطلاقاً معرفة بشخصياتهم القيادية، و التفاصيل الدقيقة، لم يكن هناك احتكاك بهم سابقا ولم يكن هناك معرفة كما قلنا نتيجة للبعد أو السجن بالدرجة الأولى فالذي يعايش الحدث ويكون فيها غير بعيد عنه، والبعد هنا يمنع من تداول الأخبار الصحيحة أو المعلومات الصحيحة، السجن يعني وجود الحظر لكن  يساعد على  اكتشاف الحقيقة عندما يكون الرجل أو الإنسان ضمن هذه التجربة تتكشف أمامهم كل الحقائق.

هي الدروس أو المعارف التي تعلّمتها على مر السنين وترغب في مشاركتها؟

بالنسبة للدروس والمعارف التي تعلمتها أنه ليس هناك شيء مستحيل  مع المثابرة والمتابعة والاجتهاد وفي مقدمة الأمور فموضوع التحصيل العلمي  والتخصص والإعطاء،  التخصص الذي يختاره الإنسان، سواء كان تخصص في أي مجال في الطبي الهندسي أو  مجال اللغة أو العلوم التطبيقية و الأدب بشكل عام،  هي التي تصنع الإنسان والشخصية إذا كان الإنسان متقنا لتخصصه الأكاديمي، متابعاً له كما قلنا يعمل برسالة ولا يدرس من أجل أن يكون موظفا في نهاية الأمر، هذا في الحقيقة يحتاج  إلى جهد كبير متواصل، وإلى سنوات طويلة جداً حتى  يحصل  الإنسان العلم الصحيح، القضية هنا الدروس والمعارف و عدم الركون لأي ظرف أو أي صعوبة، وأن تكون دائما الهمة نابعة من الإيمان بالرسالة التي يحملها الإنسان، والثقة برب العالمين، أنه هو الذي ييسر الأمور كلها، فلا مكان في هذه الحياة للمتكاسل أو المتقاعس أو مسلوب الحرية،  دائما أنت حيث تضع نفسك وأنت حيث تريد نفسك فإذا أردتها في المعالي سوف تكون في المعالي، وإذا أردت أن تكون مع العبيد وفي الحضيض، ستكون مع العبيد وفي الحضيض.

_ما هو الحدث الأكثر تأثيرًا الذي مررت به في مسيرتك؟ وما هو وصفك للعلم وتحدياته؟

أكثر الأحداث تأثيراً كان الاعتقال الذي مررت به في 2011 إلى 2015، حيث كانت تلك الفترة مليئة بالصعوبات والمصاعب، ولكنها كانت أيضاً مرحلة صراع حقيقي من أجل الحرية والكرامة، رغم قسوة التجربة، إلا أنني خرجت منها بعزيمة أقوى ورؤية أوسع لمستقبل سوريا.

العلم كله تحدي فأكبر تحدي هو أن الإنسان يترك بلده وأهله ثم يسافر إلى مكان بعيد، حيث يتلقى العلم فهذا هذا كان التحدي الأكبر، لكن بالمتابعة والمصابرة تم التغلب عليه والانخراط في المجال العلمي، والتأسيس والمسيرة العلمية الجديدة، حتى كان هناك عقبات شخصية، موضوع تكوين الأسرة وتحدياتها، لكن بفضل الله عز وجل تم تجاوز هذه الأمور، أقمت في دمشق وتزوجت هناك وبقيت فيها حتى  اندلاع الثورة السورية  حيث اعتقلت في بانياس بعد هجوم الجيش في 7/5/2011

ما هي الأهداف الأساسية التي كانت لديك في مسيرتك العلمية والفكرية؟

الملف التعليمي كان يعاني من العديد من الإشكاليات، كان هناك  الكثير من التغييرات التي أجريتها رغم انعدام الإمكانيات المالية تقريباً، الإمكانيات كانت ضعيفة جدا، كان هناك كثير من الترتيبات على كافة المستويات في وزارة التعليم.
بالنسبة للأهداف هي تتعلق بضم الشقين، الشق الثوري الذي خرجنا له مع جميع الذين خرجوا لإسقاط نظام الأسد، وتحرير سوريا هذا هدف أساسي، بالإضافة إلى الهدف العلمي الأكاديمي، الذي هو نشر العلم ورفع سوية التعليم، سواء كان التعليم الجامعي أو التعليم دون الجامعي، هذه أهم الأهداف التي كنت أسعى إليها والتي كانت  هي التطلعات الأساسية التي انطلقت منها ولا زلت.

التطلعات لم تختلف عن البداية لم تزل حتى  اليوم هي نفسها، هي نابعة عن عقيدة، وعن تشرب لهذه العقيدة،  لم تختلف، لكن ربما اكتشاف العوامل في الساحة و اكتشاف الأخطاء الكبيرة، التي تدور فيها ، هي الأمور التي جعلت هناك تراجعاً،  هذا  لا يؤثر على الناحية الشخصية بل يعطي دافع للتغلب على هذه العقبات، و المضي رغم كل التحديات الموجودة، الفساد المنتشرمن خلال هذه المسيرة، الحدث الأكثر تأثيرا في الفترة الأخيرة هو ما حصل من مساندة المظاهرات التي خرجت ضد الجولاني والصدع بالمظالم التي يتعرض لها الناس، إن إنكار مظالم الناس وما يعانونه من إجرام بحق حرية الشعب السوري مطلب أساسي،  ووجود أناس يؤمنون بالفكرة وهي الحرية هو من يحقق الأهداف، من  يكون صاحب فكر حر، لا يرضخ للمتسلطين،  أو للضغوط المادية أو الخوف من الاعتقال.

- كيف ترى الدور الذي لعبته القوى الدولية والإقليمية في دعم أو تقييد الجهود الأكاديمية والثقافية في سوريا؟

بالنسبة لدور الدول في موضوع دعم أو تقليص جهود الأكاديميين، من وجهة نظري كانت لا ترقى إلى المستوى المطلوب فكان الدعم قليلا و غير كاف، لم يدعم الأكاديمي السوري الحر بل ترك وحيدا، وإن كان هناك دعم فهو محدود جدا، لم توجد فكرة دعم الأكاديميين السوريين في سياسة الدول فيما رأينا على العكس تماما، كان هناك تقليص للعملية التعليمية، فالمنظمات العالمية اليونيسيف وغيرها أو الدعم التعليمي كان موجها فقط لمحو الأمية، فالدعم كان لما يسمى الحلقة الأولى الصف الأول والثاني والثالث والرابع، ضمن المناطق المحررة و مناطق الحروب التي  هي خارجة عن السلطة الشرعية برأيهم وبزعمهم لا يدعمون فيها إلا محو الأمية، أما التعليم الثانوي غير مدعوم والتعليم الجامعي غير مدعوم، فهذا من ناحية الدعم  الدولي للأكاديميين، هناك  تقليص لحركة الأكاديمي في السفر أو غيره أو للذهاب إلى المؤتمرات فهذا كله غير مسموح به.

كذلك  لم يُعترف بأي جامعة في المناطق المحررة، وهذا أيضا نتيجة كما قلنا للسياسة المتبعة في اعتبار منطقة النزاع منطقة غير شرعية، مع أنه إذا بحثنا عن الغطاء السياسي فهناك  غطاء سياسي، إذا أرادوا،  أن يُعترفوا هناك غطاء الحكومة السورية المؤقتة، فمن خلاله يتم الاعتراف بالجامعات السورية، لكن نتيجة لما ذكرناه من الوضع السياسي لم يتم هذا الاعتراف.

ومن وجهة نظري لم يبق من الأكاديميين،  إلا من لم يستطع أن يسافر إلى الخارج،  فبقيت القلة القليلة،  أما معظم الأكاديميين غادروا المناطق المحررة، وحتى ربما غادروا سوريا كلها للأسباب التي ذكرناها انفاً.

- كيف تصف المواقف التي اتخذتها في دعم قضايا المجتمع، وهل واجهت مصاعب من ردود الأفعال؟

التعامل مع التحديات والصعوبات يكون أولًا باللجوء إلى الله عز وجل، و طلب الدعاء من الله عز وجل لأنه هو بيده كل الأمور وبيده حل أي صعوبة في هذه الحياة،  لا يوجد إلا باب الخالق سبحانه وتعالى لمواجهة هذه الكربات،  ثم موضوع الصبر والتحمل و الرضا بقضاء الله وقدره، ولا شك أن كل مصيبة إذا تعاملنا معها على هذا الأساس أو كل تحدي، يكون  سهلًا وخاصة إذا كان هناك حسن ظن بالله عز وجل، أنه  يبدل هذه الصعوبات والكربات، إلى  ما فيه خير للإنسان وما هو أفضل له.

- ما هي المؤلفات التي قمت بنشرها، وما هي الأفكار أو الرسائل الأساسية التي أردت توصيلها من خلالها؟

المؤلفات المنشورة هناك العديد منها المطبوعة و المنشورة، في دور النشر في كل مكان أولها رسالة الماجستير "الفسق وأحكامه" في الفقه الإسلامي 620 صفحة تقريبا طبعتها في دار النوادر سنة 2010 أيضا هناك كتاب آخر "معجم فقه ابن حجر العسقلاني" رسالة الدكتوراة حوالي 1000 صفحة مطبوعة أيضا في دار النوادر، كما أن هناك كتابا ثالثا "اختيارات ابن حجر الفقهية" أيضا مطبوعة في دار الكتب في إسطنبول والآن  انتهيت من كتاب " المعجم المصور لغريب ألفاظ الحديث النبوي" وإن شاء الله سيطبع قريباً بالإضافة لعدد من الأبحاث المحكمة في المجلات العلمية العالمية هذه أبرز المؤلفات طبعاً الكتاب الرابع هو كتاب في "أصول البحث العلمي" أيضا هذا من الكتب التي ألفتها حيث كان مقررا على طلاب كلية الشريعة في جامعة إدلب.

ما هي الصعوبات التي تراها تعيق تحقيق الأهداف الأساسية لمشروعك الفكري؟

أكبر الصعوبات التي تواجهني في الوقت الحالي هي الضغوط السياسية، ونقص الدعم المادي لمشاريعنا التعليمية في المناطق المحررة، بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن إغفال الفساد الإداري الذي يعوق كثيرًا من المشاريع الأكاديمية والمجتمعية، الفساد يعد من أبرز المعوقات التي نواجهها في العمل الأكاديمي، إذ يؤثر سلبًا على سير العمل ويعطل تحقيق الأهداف.

-كيف تقيّم الوضع الحالي للمجتمع السوري من الناحية الأكاديمية والثقافية؟ وهل تعتقد أن الأهداف التي وضعتها لا تزال حية

الوضع الأكاديمي والثقافي في سوريا  صعب للغاية، بسبب الدمار الكبير، الذي لحق بالجامعات والمدارس نتيجة الاشتباكات العسكرية، والغارات الجوية،  على الرغم من هذه الصعوبات، لا أزال أؤمن بأن الأهداف التعليمية لا تزال ممكنة، إذا تم توحيد الجهود، وتوفير الفرص الأكاديمية المناسبة، يمكن أن نعيد بناء الهيكل التعليمي في سوريا، بل ويمكن أن نطورها إلى مستوى أعلى مما كانت عليه في السابق.

ومع ذلك، لا بد من دعم من جميع الأطراف المعنية، سواء كانت دولية أو محلية، لضمان تحقيق الأهداف التعليمية والثقافية في سوريا.

-ما هو الحدث الأكثر تأثيرًا الذي مررت به خلال مسيرتك الثورية؟ والتضحيات التي قدمتها؟

من أكثر الأحداث التي أثرت في مسيرتي كان الاعتقال من قبل النظام السوري في عام 2011. لم يكن هذا الحدث تجربة مريرة على المستوى الشخصي، بل كان نقطة تحول في فهمي لطبيعة النظام السوري، وأهدافه في قمع كل من يطالب بالحرية ، كما أن الثورة السورية كان لها تأثير بالغ في تغيّر نظرتي لمستقبل البلاد، فقد نشأت من خلالها حركة فكرية تهدف إلى تحرير سوريا من الاستبداد، وهو ما دفعني لأن أكون جزءًا من هذه الحركة في تلك المرحلة الحاسمة من تاريخ سوريا.

التضحيات التي قدمتها كانت كبيرة، وأكبرها كان دخولي السجن، كانت تجربة مريرة على المستوى الشخصي، لكنها في الوقت نفسه عززت قناعتي بأن الاستمرار في العمل الأكاديمي والنضالي هو الخيار الصحيح، خلال فترة سجني، واجهت ظروفًا قاسية، لكنني لم أتراجع عن أهدافي، بعد خروجي من السجن، قررت العودة لمواصلة العمل الأكاديمي، خاصة في دعم مشاريع التعليم في سوريا الحرة والمناطق المحررة.

كانت هذه التضحيات حتمية، لأننا في ظل الظروف الحالية بحاجة ماسة إلى العمل الجماعي، وتقديم رسالة أكاديمية للأجيال القادمة، التحديات كانت شديدة، لكن الإيمان بالرسالة كان دافعًا كبيرًا للاستمرار في المسيرة.
أما على الصعيد الأكاديمي، فقد واجهت تحديات متعلقة بعدم وجود دعم كافٍ من بعض القوى الدولية، كما أن الظروف السياسية كانت تفرض ضغوطاً على العمل الأكاديمي في المناطق المحررة.

- كيف ترى الدور الذي لعبته القوى الدولية والإقليمية في دعم أو تقييد الجهود الأكاديمية في سوريا؟

كان الدور الدولي والإقليمي في سوريا معقدًا ومتناقضًا ، كانت هناك محاولات لدعم المؤسسات التعليمية في المناطق المحررة عبر منظمات دولية، ومنظمات غير حكومية، لكن غالبًا ما كانت هذه الجهود تعاني من غياب التنسيق الكافي،  من جهة أخرى كانت هناك تدخلات إقليمية، ودولية تؤثر سلبًا على الوضع الأكاديمي، حيث تتضارب المصالح السياسية الإقليمية والدولية، مما أعاق البناء الأكاديمي المستقل.

-كيف تتعامل مع الذكريات والمواقف الصعبة التي مررت بها؟

أتعامل معها بتفاؤل وصبر، فكل تحدي هو فرصة جديدة لتعلم درس قيم.

- ما هو الأمل والطموح الأكبر الذي تحمله لمستقبل سوريا؟

أملي هو أن تتحرر سوريا من الاستبداد والظلم، وأن تُبنى سوريا جديدة يسودها العدل والحرية.

-ما هي الأمور التي يحتاجها المجتمع السوري اليوم لتحقيق تطلعاته نحو الحرية والكرامة؟

المجتمع السوري يحتاج إلى إرساء نظام تعليمي قوي ومستقل، بالإضافة إلى ضرورة تحرير العقول من قيد الاستبداد الفكري والسياسي.

-ما هي الدروس التي تعلمتها خلال مسيرتك؟

أهم درس تعلمته هو أن العلم والإصرار هما الطريق الوحيد لتحقيق النجاح والتغيير. لا شيء مستحيل مع العزيمة والإيمان بالرسالة.

-ما هو الأمل أو الطموح الأكبر الذي تحمله لمستقبل سوريا؟

الأمل والطموح الذي  أرجوه لمستقبل سوريا، هو أن تتحرر سوريا من كل مستبد وظالم وطاغية، لأن مع وجود الظلم والطغيان والاستبداد لن يكون هناك حياة كريمة،  لن يكون هناك استخلاف للأرض على منهج الله عز وجل، وإنما ستكون هناك عبودية لبشر مثلنا يستعلون علينا بقوتهم وسلطتهم وظلمهم وفسادهم،  لن نكون عندهم عبيد،  فالتحرر من هؤلاء هو مقدمة النجاة لجميع الناس، احلم بمستقبل واعد للشعب السوري،  وأن  يعيشوا الحياة التي يطمحون إليها حياة الحرية والكرامة

-هل لديك رسالة خاصة للشباب الذين نشأوا في ظل الظروف الحالية؟

رسالتي الخاصة إلى الشباب الذين نشأوا في هذه الظروف الحالية، هم أن يبقى على أهداف الثورة بطلب الحرية، في إسقاط الاستبداد،  بأي أشكاله ورموزه الاستبداد السياسي، الاستبداد العلمي، الاستبداد الفكري، أن يتحرروا من هذه السلطات التي تفرض عليهم، وتجعلهم في سجن كبير قليلًا، أن يكونوا أحرارًا، أن يتابعوا مسيرتهم وهم أحرار، ولا يدخروا أي جهود في تحقيق ذلك، لأنهم إذا لم يحرروا أنفسهم فسيبقون عبيدًا طوال عمرهم، وستستمر العبودية في الأجيال المتلاحقة، إذا لم يكن هناك تضحيات لانتزاع هذه الحرية، ومن هنا يعني يجب أن يكون هناك وعي، هذا الوعي لا يكون إلا من خلال العلم، والمتابعة في تحصيل العلم، أو ما نسميه الوعي الفكري، الوعي الثقافي الذي على كل شاب وشابة أن يحصنا أنفسهم، و ينطلقا بهما إلى  هذه التحديات وإلى المستقبل الذي  يصنعونه بأيديهم.

-هل هناك رسالة توجهها إلى الشعب السوري والمجتمع الدولي في هذا الوقت الحرج؟

الرسالة هي إنشاء الإنسان المستقيم المعتز بدينه، الذي ينطلق إلى الحياة عن معرفة وعلم، بحيث تكون الغلبة للعقلاء والمفكرين ولا تكون الغلبة للجهلاء والمتسلطين وهذا لا يأتي إلا من خلال  اعتزاز الإنسان بما يحمله من مبادئ وأن يقدم التضحيات، من أجلها، وإن يبذل الكثير من أجل فهمها بما يقدمه من نتاج علمي، ونتاج معرفي.


الدكتور "بسام محمد صهيوني" يعد نموذجًا للمثابرة والإصرار على تحقيق الأهداف رغم كل الصعاب، لقد كرس حياته من أجل خدمة قضايا العلم والتعليم في سوريا، وتضحياته تظل شاهدًا على إيمانه العميق برسالة التعليم والإصلاح، ورغم التحديات الكبرى التي واجهها، لا يزال يؤمن بأن الأمل في التغيير موجود، وأن المستقبل سيكون أفضل، إذا تم العمل الجاد من أجل بناء مجتمع أكاديمي وفكري مستقل.