البرلمان السوري يفصل أعضاء محسوبين على إيران
أصدر البرلمان السوري في عدة جلسات خلال الشهر الجاري والذي سبقه، قرارات تتعلق بفصل أعضاء فيه وكذلك قرارات رفع حصانة عن آخرين وملاحقتهم قضائياً، في سابقة لم تحدث من قبل خلال الدورات الماضية.
وخلال شهري تشرين الأول الثاني، أصدر البرلمان السوري قرارات بفصل ما يزيد عن 6 من أعضائه، وملاحقة 4 قضائياً.
بدأت أولى قرارات الفصل، في العاشر من تشرين الأول، عندما قرر البرلمان فصل النائب عن محافظة حلب أنس دبسي، وذلك بسبب حمله للجنسية التركية إضافة لجنسيته السورية، وهو ما يُخالف الدستور في سوريا، الذي ينصّ في المادة 152 منه على أنّه يحظر ترشّح مزدوجي الجنسية لمناصب عامة. منها عضوية البرلمان.
وتبع ذلك، فصل النائب محمد حمشو، من عضوية مجلس الشعب، بسبب حمله الجنسية التركية إضافة لجنسيته السورية الأم.
وكان لإسقاط عضوية محمد حمشو، الذي ورد اسمه لأكثر من مرة في قوائم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على النظام السوري، المرتبطة بـ"قانون قيصر" صدى أوسع في الشارع السياسي السوري، وكذلك الاقتصادي، نظراً لكونه شخصية مقرّبة من عائلة "الأسد".
وقالت مصادر خاصة لـ The Media Line إنّ الحكومة السورية حجزت على أموال "حمشو" في وقت لاحق من إسقاط عضويته، مشيرةً المصادر (فضّلت عدم كشف هويتها لأسباب أمنية) إلى أنّ مصادرة أمواله جاءت في وقت تشهد فيه البلاد تقلّصاً للمشاريع الإيرانية في سوريا، حيث إنّ "حمشو" يمثّل ذراعاً اقتصادياً لماهر الأسد وإيران منذ سنوات.
ويرتبط محمد حمشو بعلاقة عمل وثيقة منذ سنوات مع ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، ويدير أعمالاً في قطاعات البناء والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والهندسة والسياحة في سوريا.
ونظراً لكونه شخصية اقتصادية وواجهة للنظام السوري اقتصادياً فقد كان من أوائل رجال الأعمال السوريين الذين فرض عليهم الاتحاد الأوروبي عقوباته عام 2011، كما أنّه ممنوع من دخول دول الاتحاد الأوروبي بسبب اتّهامه بدعم النظام السوري بقمع الاحتجاجات السلمية في سوريا في آذار عام 2011.
ومنذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011، وتطوّرها إلى حرب أهلية، شهدت البلاد أربعة دورات انتخابية برلمانية، لم يشارك فيها الملايين في شمال البلاد وفي دول اللجوء بتركيا والأردن ومصر وأوروبا وغيرها. وهو ما اعتبره القانوني السوري محمد حمام أنّه حرمان لملايين السوريين من حقوقهم في انتخاب أعضاء يمثلّونهم في البرلمان.
وأضاف القانوني السوري المقيم في تركيا في تصريح خاص لـ The Media Line أنّ شرط المترشّح أن يكون غير مزدوج الجنسية هو شرط صعب في الحالة السورية لأنّ آلاف السوريين باتوا بحكم الحرب يحملون جنسيات أخرى، وقد جاء في نص الدستور الذي وُضع عام 2012 بأنّ المترشّح يجب أن يحمل الجنسية السورية فقط، وأعتقد هو شرط مقصود لحرمان الكثير من السوريين من حقهم في الترشّح، ولاحقاً عزم المعارضة عن أي استحقاق سياسي بالقانون.
وتولّى محمد حمشو منصب العضوية في البرلمان لدورتي 2012 و2016، ثم انسحب من دورة 2020، وكانت صحيفة "الشرق الأوسط" قد نشرت في تموز عام 2020 تقريراً يتحدث عن انسحاب محمد حمشو، من الترشيح لانتخابات مجلس الشعب، قبل يومين من إجرائها. ووصفت الصحيفة في تقريرها حمشو بـأنه "رجل إيران".
وأسقط المجلس عضوية النائب أنس محمد الخطيب بسبب حمله الجنسية الأردنية، ومحمد خالد بسام الزبيدي لحلمه الجنسية الكندية والجزائرية، . كما أصدرت قرارات بملاحقة قضائية لكل من "أيهم جريكوس ومدلول العزيز ومجاهد إسماعيل".
ومحمد خالد الزبيدي، هو شخصية اقتصادية غير معروفة، قبل أن يرتبط برامي مخلوف في وقت سابق، وبدأ يحظى بامتيازات تجارية واقتصادية، مكّنته من افتتاح مشاريع ضخمة، ومنها مدير عام في شركة “إبداع للاستثمارات”، ومدير ومالك شركة “زبيدي للتطوير”، ومدير شركة “إنجاز للاستثمار”، ومدير شركة “عقار للاستثمار”، ومدير عام “شركة الزبيدي والطويل للمقاولات”، وعضو مجلس إدارة وشريك مؤسس في “شركة Z.K للتطوير”.
أنس محمد الخطيب: يشغل أيضا منصب مدير المشاريع الصحية في الاتحاد العام لنقابات العمال، ومدير مؤسسة الرعاية الصحية العمالية. كما يُعرف الخطيب بتخصصه في أمراض الأنف والأذن والحنجرة. وهو شخصية مقربة من النظام السوري وإيران.
أيهم نجدت جريكوس: شارك في قمع المتظاهرين منذ عام 2011 وكان مسؤولاً عن تسليح أقاربه وعناصر موالية للنظام بالتعاون مع أجهزة المخابرات السورية، ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن لجان الدفاع الوطني (قوة عسكرية تعمل لصالح النظام) في الساحل السوري. وله علاقة وثيقة بابن عمّ بشار الأسد المدعو عماد الأسد، المرتبط بإيران.
أما بقية الأعضاء الذين تمّ فصلهم أو ملاحقتهم قضائياً، فهم من الشخصيات النافذة اقتصادياً في النظام السوري، وقد وصلوا إلى المجلس بتسهيلات من الحكومة السورية والنظام معاً، وفق ما يؤكد الحقوقي السوري عروة السوسي.
وقال "عروة السوسي" في تصريح لـ The Media Line "يبدو أنّ النظام السوري بدأ خلال الفترة الحالية تقليم أظافر إيران في سوريا بسبب خطورتها عليه خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية المستمرة له، وإنّ الوجود الاقتصادي الإيراني في البلاد لا يقلّ أهمية عن الوجود العسكري، فجميع الذين تمّ فصلهم من البرلمان يتمتّعون بنفوذ له امتداد إيراني سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وخصوصاً محمد حمشو.
الناشط مازن الحلو، يرى في شقّ آخر أنّ الوضع الأمني في سوريا خرج عن السيطرة، فلو أخذنا أسباب فصل الأعضاء لأنهم يحملون جنسيات إضافية إلى جانب جنسيتهم السورية، فإنّ ذلك يؤكد بأنّ سوريا الموصوفة بأنها دولة أمنية بامتياز أصبحت غير قادرة على معرفة خلفيات المرشّحين لأعضاء البرلمان، علماً أنّ المخابرات كانت سابقاً تقدّم معلومات حتى عن عامل النظافة.
انتخابات مجلس الشعب عام 2024
يعتبر مجلس الشعب بدورته الحالية هو الدور التشريعي الرابع من مجلس الشعب بعد إقرار الدستور السوري الجديد عام 2012، والثلاثين منذ بداية تأسيس الدولة السورية.
وشهدت هذه الانتخابات اعتماد حزب البعث الحاكم نظام "الاستئناس الحزبي" لأول مرة في انتخابات البرلمان كوسيلة لاختيار مرشحي الحزب.
وتقوم عملية الاستئناس على إجراء انتخابات داخل صفوف حزب البعث على كافة مستويات قواعده يختار خلالها أعضاء الحزب مرشحيهم للانتخابات.
وبتاريخ 11 آب 2024، أصدر بشار الأسد المرسوم رقم 204 للعام 2024 القاضي بدعوة مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع للانعقاد لأول مرة يوم الأربعاء المصادف في 21/8/2024.
ولم يشارك ملايين السوريين في شمال البلاد والسويداء وفي دول اللجوء بهذه الانتخابات، التي لم تشهد أي مفاجئات، حيث بقي حزب البعث هو الحزب المسيطر على مقاعد البرلمان، من خلال أسماء ذات نفوذ اقتصادي وولاء مطلق للأسد.