ريف دمشق – تفاصيل برس – ديما بلال
مع اشتداد حرارة الصيف في ريف دمشق، تنطلق سيدات القرى بتحضير واحدة من أبرز الصناعات الغذائية المنزلية التقليدية: صناعة الكشك، التي ما زالت تُحافظ على حضورها في مطابخ الريف السوري، لا سيما كجزء أساسي من تحضير المؤونة الشتوية.
الكشك ليس فقط وجبة غذائية غنية ومتكاملة، بل يمثل موروثاً اجتماعياً واقتصادياً يرتبط بمواسم الحصاد والعنب، ويساهم في تحسين دخل الأسر الريفية، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه إنتاجه في الوقت الحالي.
ما هو الكشك؟
الكشك هو مزيج من البرغل (المُحضّر من القمح المسلوق والمجفف والمطحون) واللبن الرائب، ويُضاف إليه مكونات أخرى تُحضّرها ربة المنزل لإكسابه نكهته المميزة وزيادة حموضة اللبن، في عملية تمتد على مدى أيام.
تربط نساء القرى موسم تحضير الكشك بـظهور عناقيد العنب الأولية (الحصرم)، الذي يُستخدم أحيانًا لتعزيز حموضة اللبن. ويُعد الكشك طعامًا أساسيًا في الشتاء، كما يُرسل غالبًا كـ”مونة” للطلاب المغتربين نظرًا لسهولة حمله وتحضيره.
بين ارتفاع التكلفة وجدوى البيع
تواجه صناعة الكشك هذا العام صعوبات بسبب الجفاف الذي أثّر على موسم القمح، إضافة إلى ارتفاع أسعار الحليب واللبن. ورغم ذلك، لا تزال الجدوى الاقتصادية مشجعة، إذ تصل تكلفة الكيلو الواحد إلى نحو 35,000 ل.س، بينما يُباع في الأسواق حتى 85,000 ل.س، نتيجة الجهد الكبير المبذول ومدة التحضير الطويلة.
تقول “ندى عباس”، وهي سيدة تعمل في إنتاج الكشك منزليًا، لموقع “تفاصيل برس”: “أستغرق نحو عشرين يومًا في تحضير كل دفعة من الكشك. أعمل بمفردي دون مساعدة لأن النظافة مهمة جدًا في كل خطوة. بعد التحضير، أنشره تحت الشمس لعدة أيام، ثم أقوم بتقليبه وتجفيفه وطحنه وبيعه.”
مشروع منزلي ناجح تقوده النساء
تلقى هذه المنتجات رواجًا واسعًا، خاصة أنها تتميز عن الكشك التجاري الذي غالبًا ما يكون مغشوشًا ويحتوي على كميات أقل من اللبن، مما يؤثر على لونه وطعمه.
وترى السيدات أن البيوت الريفية الواسعة تساعد على إقامة هذه المشاريع داخل المنزل، حيث يمكن لربة البيت إدارتها بسهولة، دون الحاجة لخروجها أو توفير مكان خاص.
من فلكلور الماضي إلى الطواحين الحديثة
تحكي “أم عبدالله”، وهي سيدة من ريف دمشق تمتهن صناعة الكشك منذ أربعين عامًا، عن تغير بعض العادات القديمة في تحضيره، فتقول: “قبل حوالي عشرين سنة، لم تكن هناك طواحين لطحن الكشك، فكنّا نجتمع على الأسطح ونفركه بأيدينا تحت الشمس، ثم ننخله لفصل قشور البرغل. اليوم، الطواحين وفّرت هذا الجهد، لكن باقي المراحل، من جمع اللبن وتحميضه وخلطه بالبرغل في ظروف نظيفة، ما زالت كما هي.”

























































































