محمود أحمد المحمود – تفاصيل برس
اليوم 14/9/2024 ذكرى مرور 13 سنةً على اعتقال والدي أحمد المحمود (أحمد السعدية)، هي ذكرى تقييده، وليس سلب حريته لأنهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا سلب حريته مهما أكثروا الأغلال.
عام 2007 على ما أذكر كنت في الصف الثاني، حينها عدت من المدرسة فرحاً بأغنيةٍ علمتنا إياها المُدرّسة؛ تقول بعض كلماتها “سوريا جابت ولد سمتو حافظ أسد”، حينها قال لي عبارة أذكرها كما يذكر أي طفلٍ عبارةً صادمةً تُقال له، قال لي: “بابا لا بقا تغني هاي الأغاني، هود العالم مهن منيحين”؛بمعنى هؤلاء الأشخاص ليسوا جيدين، أذكر أنني ذُهلتُ حينها، كيف يمكن ألا يكونوا جيدين وصورهم وأقوالهم تملأ الكتب، والشوارع، والحدائق، والمنافع العامة حتى.
عام 2011/مطلع شهر نيسان، وبعد أسبوعين من اندلاع مظاهرات درعا، خرجت أول مظاهرةٍ في مدينتنا كفرنبل، وفي الشمال السوري عامةً، كان والدي وبكلِّ فخرٍ من أوائل من خرجوا بتلك المظاهرة، لم يخرج حينها لجاهٍ، أو سلطةٍ، أو مال، لأنه كان يملكها جميعها، ولم تكن تعنيه أصلاً.. بل خرج لأنه لا يرضى الذل، لا يرضى أن يسيلَ دم طفلٍ في درعا، أو يُهانَ شيخٌ في جسر الشغور، خرج لأنه لم يُرد يوماً أن تكون هذه البلادُ مزرعةً لتلكَ العائلةِ القذرة..
إحدى الصور المرفقةُ أدناه، ذات الجودة المنخفضة والتي بالكادِ تُبدي بعض الأجسام؛ مأخوذةٌ من فيديو بتاريخ 22/7/2011،على ما أظن هي أول أو ثاني مظاهرةٍ بعد دخول الجيش إلى مدينتنا كفرنبل، يظهر بالفيديو ذاته مرتزقة النظام يقومون بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، ويظهر والدي في هذه الصورة أعزلاً مواجهاً لهم، يرفع إشارة النصر مواجهاً فيها بنادقهم.
لم أكن أذكر صوت والدي قبل أن يقوم صديقي صلاح الجعار بإرسال رابط فيديو قال لي أن فيه صوته، يُظهر الفيديو دبابةً تقوم بمحاصرةِ المتظاهرين في مدخل المسجد الكبير لمدينتنا، وفي الخلفية صوت والدي يصرخ على أحدٍ ما ليعطيه حجراً كي يقوم بضرب الدبابة…رغم أنه يعلم أن الحجر الصغير لن يؤثر فيها ولكنه لم يستطع أن يقف مكتوفاً أو يهرب دون فعل شيء، وهذا الموقف أظن أنه الشجاعة المفرطةُ بعينها.
لليوم وبعد 13 سنةٍ من اعتقاله كُلَّما عرَّفت بنفسي أنني “ابن أحمد السعدية” لا أسمع إلا الذكر الطيب، والمواقف المُشرفة التي لا أظن أنها ستنسى أبداً؛ لأنه كان نبيلاً، طيباً، نقياً، ومحبوباً.
هذا غيضٌ من فيضٍ يجعلني أشعر بفخرٍ عارمٍ حين أقول أنني ابن هذا الرجل، حين أُعرِّف عن نفسي باسم “محمود أحمد السعدية”، وبالمقابل هذا أيضاً ما يجعلني أحمل كرهاً عظيماً لكل من تسلق الثورة التي خرج فيها والدي، لكل من تاجر بقضيته وصرخاته وتعذيبه، وأحفظهم جيداً كما أحفظ أعدائي.
أحمد السعدية في عام اعتقاله الثالث عشر.. صرخة ثائر ستبقى