يشهد الشمال الغربي من سوريا تصعيدًا عسكريًا خطيرًا من قبل النظام السوري المدعوم بالميليشيات الإيرانية والطيران الروسي.
هذا التصعيد ليس وليد الصدفة، بل جاء كرد فعل واضح على ما تم تداوله في الأيام الأخيرة من أخبار حول نية فصائل المعارضة شنّ عملية عسكرية على خطوط التماس مع مناطق النظام.
إن هذه التحركات من النظام وحلفائه تشير إلى أنهم يسعون، من خلال الضربات الجوية والقصف المكثف، إلى إرسال رسالة واضحة بأنهم لن يتساهلوا مع أي محاولة لتغيير الوضع الميداني القائم. الهجمات، التي تركزت على إدلب وأرياف حلب واللاذقية، ليست مجرد ضربات عشوائية، بل تحمل أبعادًا استراتيجية. فالنظام وحلفاؤه يدركون تمامًا أن أي تحرك عسكري من المعارضة يمكن أن يُحدث تغييرًا في موازين القوى، وهو ما لا يرغبون به في هذه المرحلة الحساسة.
حشود عسكرية وتدخلات ميدانية
في ظل هذه الأجواء المتوترة، حشدت فصائل المعارضة قواتها وعززت مواقعها على خطوط التماس، استعدادًا لأي تصعيد محتمل. وهذه الحشود العسكرية تعكس تصميم المعارضة على مواجهة أي عدوان بحسب ما جاء في بيان لـ”غرفة عمليات الفتح المبين”.
في المقابل قام النظام السوري بإرسال تعزيزات جديدة من القوات والعتاد إلى المناطق القريبة من خطوط التماس، ما يزيد من حدة التوتر في المنطقة.
مؤشرات إثبات وجود واستباق التحركات
تظهر هذه التحركات كمحاولة لإثبات الوجود من قبل النظام وحلفائه، وإعادة ترسيخ الهيمنة في المناطق المحيطة بخطوط التماس.
من جهة أخرى، يبدو أن هذا التصعيد قد يكون استباقيًا لضرب أي نوايا هجومية قبل أن تتحول إلى واقع ميداني. وقد أوردت صحيفة “وطن” الشبه رسمية مؤخرًا تحذيرًا شديد اللهجة حول هذه المسألة، مشيرة إلى أن أي تغيير في خطوط التماس الحالية قد يتسبب بعواقب وخيمة على المنطقة بأسرها، من ناحية تفاقم الأوضاع الإنسانية وزيادة موجات النزوح، فضلًا عن تصعيد التوترات الإقليمية.
موجة نزوح كبيرة
التصعيد الأخير كان له تأثير كارثي على السكان المدنيين في المناطق القريبة من خطوط التماس. فقد دفعت هذه الهجمات المتكررة والشرسة آلاف العائلات إلى النزوح بشكل عاجل نحو المناطق الأكثر أمانًا قرب الحدود السورية مع تركيا.
هذه الموجة الجديدة من النزوح تُضاف إلى معاناة مستمرة يعيشها سكان المنطقة منذ سنوات، حيث أصبحوا مجبرين مرة أخرى على ترك منازلهم وأراضيهم بحثًا عن الأمان، بالإضافة إلى أن هذه المناطق الحدودية أصبحت مكتظة بالنازحين، مما يفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلاً في تلك المناطق التي تفتقر إلى المساعدات الإنسانية الكافية خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء.
عواقب وخيمة على الوضع الإنساني
التصعيد العسكري لا يهدد فقط بتغيير خطوط التماس، بل يزيد من تعقيد الوضع الإنساني المتدهور في شمال غرب سوريا، حيث يعيش السكان في هذه المناطق تحت ضغط مستمر من القصف ، وهو ما يدفع الكثير منهم إلى التفكير في النزوح إلى مناطق أكثر أمانًا، رغم قلة الخيارات المتاحة.
ويبدو أن التصعيد الحالي هو محاولة لإعادة ضبط قواعد الاشتباك وإيصال رسائل قوية بأن أي تحرك للمعارضة سيثير ردود فعل قاسية. ومع ذلك، فإن هذه الدورة الجديدة من العنف لن تؤدي إلا إلى زيادة معاناة المدنيين، في ظل غياب أي أفق لحل سياسي حقيقي ينهي هذه المأساة المستمرة.