بلال الخلف – تفاصيل برس
في تقرير لافت نشرته صحيفة واشنطن بوست، كشفت الصحيفة الأمريكية عن تحول جذري في الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، عقب الإطاحة ببشار الأسد، الحليف الأبرز لطهران في الشرق الأوسط. التقرير أضاء على تبعات السقوط، ليس فقط على الساحة السورية، بل على خارطة النفوذ الإيراني الممتدة من طهران إلى جنوب لبنان.
فقد شكل غياب الأسد نكبة كبرى للمشروع الإيراني وفقاً للصحيفة، إذ أدى إلى ضربة مباشرة لقدرات إيران على دعم حليفها الأبرز في لبنان “حزب الله”، من خلال ما كان يعرف بـ”جسر الإمداد البري” الممتد عبر العراق وسوريا، ومع سقوط هذا الجسر، باتت طهران مضطرة إلى البحث عن بدائل غير مألوفة، وتفكيك تحالفاتها القديمة لإعادة رسم خارطة نفوذها.
وأشارت واشنطن بوست إلى أن إيران بدأت فعلياً تفكر خارج دائرة حلفائها التقليديين، كالميليشيات الشيعية الموالية لها في العراق وسوريا، وباتت تدرس نسج علاقات خفية مع جماعات سنية متطرفة، من بينها خلايا منشقة عن تنظيم “داعش”. هذا التحول، وإن بدا صادماً، يكشف عن مدى ارتباك طهران وسعيها اليائس لإعادة تموضعها في مشهد جديد تسيطر فيه قوى مختلفة وتتشكل فيه تحالفات مفاجئة.
وبينما تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى إعادة بناء مؤسساتها وتثبيت الأمن، تعمل إيران في الخفاء على زعزعة هذا الاستقرار، عبر دعم أطراف معارضة خفية، وتمويل أنشطة سرية تضمن بقاء الفوضى، وبالتالي استمرار نفوذها غير المباشر.
التحول الإيراني لا يعكس فقط فقداناً لمواقع جغرافية استراتيجية، بل يُعد مؤشراً على انحسار حلم “الهلال الشيعي” الذي سعت إيران إلى ترسيخه لعقود، وبينما تترنح أدواتها القديمة، تجد نفسها اليوم مجبرة على خوض لعبة تحالفات شائكة، حتى لو كان ثمنها التنسيق مع خصوم الأمس.
من الواضح أن خريطة الشرق الأوسط ما بعد الأسد لن تشبه ما قبلها، وأن إيران باتت على مفترق طرق حاد: إما التكيف مع واقع جديد تراجع فيه نفوذها، أو الانخراط في صراعات جديدة تعيد إشعال المنطقة بأكملها.