خاص – تفاصيل برس
عيّن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيفن ويتكوف مبعوثاً خاصاً إلى الشرق الأوسط، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، نظراً لافتقار ويتكوف للخبرة الدبلوماسية، مقابل تمتعه بعلاقات شخصية وثيقة مع ترامب وقدرته على التفاوض في الملفات الحساسة.
ما هو موقف ويتكوف من سوريا؟
يتبنى ستيفن ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص المعين حديثاً إلى الشرق الأوسط، موقفًا متفائلًا تجاه سوريا، وخاصةً بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024.
المبعوث الجديد، يُظهر انفتاحاً على إمكانية تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل، معتبراً أن هذه الخطوة قد تشكل جزءاً من توسيع اتفاقيات أبراهام، يعيد رسم خريطة التحالفات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، في إطار ما وصفه بـ “ترتيب سلام ملحمي”.
في حقيقة الأمر أن موقف “ويتكوف” يمثّل توجهاً جديداً في السياسة الأمريكية تجاه الملف السوري، فمن جهة يتسم بالتفاؤل والانفتاح، ومن جهة أخرى، مشروط بتحقيق الحكومة السورية الجديدة لجملة من المتطلبات الأمريكية، وهو ما تواجهه الحكومة الحالية من تحديات سواء على الصعيد الداخلي، في الجنوب والساحل وشمال شرقي سوريا، أو على الصعيد الخارجي ومدى الانخراط الحقيق في المجتمع الدولي.
وصرّح ويتكوف في وقت سابق بأن “الشرع لم يعد كما كان”، في إشارة إلى التحولات التي شهدتها القيادة السورية الجديدة، مبدياًً تفاؤله بمستقبل العلاقات السورية – الإسرائيلية في ضوء المتغيرات السياسية على الساحة الإقليمية بعد هزيمة حزب الله وإسقاط نظام الأسد.
من هو ويتكوف؟
هو رجل أعمال ومطور عقاري من نيويورك ومؤسس مجموعة Witkoff Group ورغم خلفيته البعيدة عن العمل الدبلوماسي، إلا أن علاقته الوثيقة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقدرته على التفاوض دفعت إلى تعيينه مبعوثًا خاصًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وبرز اسم ويتكوف على الساحة السياسية بعد لعبه دوراً محورياً، في التفاوض على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس في يناير/ كانون الثاني 2025، وذلك بالتعاون مع المبعوث الأمريكي بريت ماكغورك ورئيس وزراء قطر.
وفي وقت سابق، أدى ويتكوف دوراً غير رسمي كمبعوث للرئيس ترامب إلى روسيا، إذ أجرى محادثات مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول الحرب في أوكرانيا، وشارك في مفاوضات متصلة بالبرنامج النووي الإيراني.
تباين في المواقف الإقليمية
إشارات إيجابية تلقتها دمشق ممثلة بالإدارة الجديدة من محيطها الإقليمي بما فيه العربي، إذ أبدت بعض الدول العربية ارتياحها تجها الطرح الأمريكي الجديد على صعيد التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وضمّ سوريا إلى مسار الاتفاقيات التي أبرمت في المنطقة، فيما وضعت دولاً عربية أخرى، شروطاً للتطبيع، تمحورت حول الإصلاحات واحترام سيادة سوريا وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية والأجنبية منها.
فيما بدى الموقف التركي، واضحاً تجاه هذا المسار، فمن جهة رحبت به، لكنها أكدت على أهمية حلّ ملف شمال شرقي سوريا في سياق تحقيق أمنها القومي حسب وصفها، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أن أي اتفاق يجب أن يشمل استقرار شمال شرقي سوريا.
ويبدو أن القيادة السورية الجديدة، أبدت انفتاحاً تجاه أي مبادرة من شأنها أن تدعم استقرار سوريا وتكسر عزلتها الدولية وتساهم في نهضتها، إلا أنّ المسار هذا يبقى مشروطاً باحترام سيادة الأراضي السورية، وفق ما أشارت إليه تسريبات لمصادر متعددة عبر وسائل الإعلام.
وعلى صعيد المواقف الدولية، التزمت روسيا الصمت دون تعليق رسمي مباشر، بينما أعرب الاتحاد الأوروبي عن شكوكه في جدوى المسار الأميركي الجديد ما لم يترافق بإصلاحات ديمقراطية جادة داخل سوريا.
زيارة الشرع إلى باريس: اختبار للانفتاح الدولي ودور فرنسي محتمل
في خضم هذه التحولات، زار الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس الأربعاء، وهي أول زيارة له إلى أوروبا منذ توليه المنصب بعد الإطاحة ببشار الأسد.
الزيارة جاءت بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي استقبل الشرع في قصر الإليزيه، في خطوة تُعد مؤشراً على انفتاح فرنسي بالدرجة الأولى وأوروبي بطبيعة الحال، تجاه القيادة السورية الجديدة.
خلال اللقاء، ناقش الطرفان قضايا عدة، منها سيادة سوريا، حماية الأقليات، مكافحة الإرهاب، وتنسيق المساعدات الدولية، بما في ذلك إمكانية تخفيف العقوبات لدعم التعافي الاقتصادي بعد 14 عامًا من الحرب.
ماكرون أشار إلى أن الاستقرار في سوريا ضرورياً لأمن الشرق الأوسط، مؤكداً على التزام باريس بدعم سوريا حرة ومستقرة وذات سيادة تحترم جميع مكونات المجتمع السوري.
من جانبه، أكدّ الشرع على أن سلامة المواطنين السوريين هي أولوية قصوى، وأنه ناقش مع نظيره الفرنسي مساهمة باريس في جهود إعادة الإعمار ورفع العقوبات الأوروبية.
تُعد هذه الزيارة اختباراً مهماً للانفتاح الدولي على سوريا الجديدة، وفرصة لفرنسا للعب دور محوري في دعم الاستقرار والانفتاح الدولي، كما أنها قد تمهد الطريق لتعاون أوروبي أوسع مع دمشق ستتضح معالمه بالمستقبل القريب.