يحتفل العالم سنوياً في 9 تشرين الأول/أكتوبر، باليوم العالمي للبريد، وهو الذكرى السنوية لتأسيس الاتحاد البريدي العالمي في عام 1874 في العاصمة السويسرية.
وأعلن عن تاريخ اليوم العالمي للبريد في مؤتمر الاتحاد البريدي العالمي الذي عقد في طوكيو، باليابان في عام 1969.
ومنذ ذلك الحين تشارك بلدان في جميع أنحاء العالم في الاحتفالات، وتستخدم العديد من الدول المناسبة لعرض وترويج المنتجات والخدمات البريدية الجديدة.
التاريخ والنشأة
تاريخ إنشاء مكاتب البريد يعود إلى العصور القديمة، حيث استخدمت الحضارات القديمة أنظمة لنقل الرسائل مثل البريد الفارسي والروماني.
مع تطور المجتمعات، أصبحت الأنظمة البريدية أكثر تنظيماً في العصور الوسطى والعصر الحديث.
البريد في سوريا
أما في سوريا، بدأ تنظيم خدمات البريد بشكل رسمي خلال فترة الحكم العثماني، حيث تم تأسيس أول مكتب بريد في دمشق عام 1834.
استمر البريد بالتطور خلال الانتداب الفرنسي وأُنشئت مؤسسة البريد السورية بعد الاستقلال في منتصف القرن العشرين، لتكون الجهة الرسمية لتقديم الخدمات البريدية.
والمؤسسة السورية للبريد تأسست بهدف تنظيم وتطوير الخدمات البريدية في سوريا، وتقديم خدمات متنوعة تشمل نقل الرسائل، الطرود، والخدمات المالية.
على مدار سنوات، شهدت تطورًا ملحوظًا وساهمت في تعزيز التواصل داخل وخارج سوريا.
البريد والثورة
لكن مع اندلاع الثورة السورية، تعرضت البنية التحتية البريدية للتضرر الشديد، مما أدى إلى تراجع الخدمات بشكل كبير.
هذا التراجع أثر على جودة الخدمة وكفاءتها، حيث أصبح البريد السوري غير قادر على تلبية احتياجات المواطنين كما كان في السابق، وسط صعوبات في التمويل والإدارة.
البريد في عهد الأسدين
خلال فترة حكم حافظ الأسد وابنه بشار، شهد قطاع البريد السوري تدهورًا ملحوظًا بسبب انتشار الفساد والمحسوبية.
المناصب في هذا القطاع غالبًا ما كانت تُمنح بناءً على الولاءات الشخصية والعائلية، وليس على الكفاءة أو الخبرة.
هذا الفساد أدى إلى تراجع فعالية الخدمات البريدية، وتضخم في أعداد الموظفين غير المؤهلين.
الموارد المالية واللوجستية للمؤسسة تم استغلالها لصالح مصالح ضيقة، مما أثر سلبًا على قدرتها على تقديم خدمات حديثة وموثوقة للمواطنين، وزاد من ضعف الثقة في هذا القطاع الحيوي.
خسائر
مع بداية الثورة السورية في 2011، تعرض قطاع البريد لخسائر فادحة نتيجة الدمار الواسع للبنية التحتية، حيث تضررت المكاتب البريدية بفعل القصف والمعارك في عدة مناطق.
بالإضافة إلى ذلك، تفاقمت الفوضى مع هجرة الكفاءات وضياع الموارد. تدهور مستوى الخدمات بشكل كبير، ومع حدود الماس الداخلي المتغير بسبب المعارك في عدة مناطق، باتت هناك صعوبة في الحفاظ على النظام البريدي.
هذه الخسائر أدت إلى انهيار الثقة بالمؤسسة البريدية التي كانت تعاني بالفعل من فساد متجذر وسوء إدارة. بعد سيطرة الثوار على عدة مناطق في سوريا، ركزوا على تجديد وتسيير معظم المؤسسات الخدمية كالصحة، التعليم، والمياه لضمان استمرار الحياة اليومية.
لكن قطاع البريد التقليدي لم يحظَ بنفس الاهتمام، بسبب تراجع أهميته في ظل التطور التكنولوجي الذي عزز الاعتماد على البريد الإلكتروني ووسائل الاتصال الحديثة.
إضافةً إلى ذلك، لم تكن الموارد المتاحة كافية لتحديث هذا القطاع في ظل التحديات اللوجستية، واعتبره الكثيرون غير ضروري بالمقارنة مع القطاعات الحيوية الأخرى التي تخدم المجتمع بشكل مباشر.
مع التطور التكنولوجي المذهل في عصرنا، والاعتماد المتزايد على البريد الإلكتروني ووسائل الاتصال الحديثة، قد نصل إلى نقطة يصبح فيها البريد التقليدي مجرد ذكرى من الماضي!
ربما تتحول مراكز البريد التي كانت تعج بالناس يومًا إلى آثار أو أطلال تذكرنا بأيام كانت الرسائل الورقية والطرود جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية. ومع ذلك، يبقى للبريد التقليدي نكهة خاصة يصعب أن تمحوها التكنولوجيا بالكامل، على الأقل لبعض المهام المحددة.