متابعات – تفاصيل برس
أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن زيارة الرئيس دونالد ترامب المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، والتي تبدأ غداً الثلاثاء، تعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها واشنطن لعلاقاتها مع شركائها في منطقة الشرق الأوسط.
وتُعد هذه الزيارة، وهي الأولى لترامب إلى الخارج منذ فوزه بولاية رئاسية جديدة، مؤشراً على المكانة المتقدمة التي باتت تحظى بها دول الخليج، سواء من حيث دورها في استقرار الإقليم، أو لثقلها الاقتصادي ومسارها الإصلاحي، وفق ما نقله موقع قناة “العربية”.
أبرز الملفات
وتتصدر أجندة مباحثات ترامب مع قادة مجلس التعاون الخليجي، عشرة ملفات رئيسية، من بينها الأمن الإقليمي، والطاقة، والدفاع، والتعاون الاقتصادي، في ظل سعي واشنطن إلى تعزيز شراكتها الإستراتيجية مع دول الخليج على وقع التحولات الدولية المتسارعة.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية أن “زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية ودول الخليج تبرز المكانة التي توليها الولايات المتحدة لعلاقاتها مع شركائها في الشرق الأوسط”، مشيرة إلى أن التنسيق مع السعودية يُعد عنصراً أساسياً في التعامل مع تحديات تتجاوز حدود المنطقة.
دمشق تتحرك
كشف مصدر دوبلوماسي لـ”تفاصيل برس”، أمس الأحد، أن الرئيس السوري، أحمد الشرع، سيلتقي بنظيره الأمريكي، ترامب، غدا الثلاثاء في العاصمة السعودية الرياض.
كما كشفت مصادر مطلعة لـ”رويترز”، عن خطة الرئيس السوري أحمد الشرع لإغراء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتخفيف العقوبات.
وذكرت الوكالة، أن بناء برج ترامب في دمشق وتهدئة التوتر مع إسرائيل ومنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى النفط والغاز السوري تندرج جميعها في خطة استراتيجية الشرع في محاولة للقاء نظيره الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الشرق الأوسط.
وبحسب الوكالة، يحاول جوناثان بيس، وهو ناشط أمريكي مؤيد لترامب التقى مع الشرع في 30 أبريل نيسان لمدة أربع ساعات في دمشق، إلى جانب ناشطين سوريين ودول خليجية ترتيب “لقاء تاريخي”، وإن كان مستبعدا للغاية بين الرئيسين هذا الأسبوع على هامش زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات.
ويأمل بيس أن يساعد الاجتماع المزعوم لترامب مع الشرع في تخفيف موقف الرئيس الجمهوري وإدارته تجاه دمشق وتهدئة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل.
ولا تزال الولايات المتحدة تضع الشرع على قائمة الإرهاب بسبب صِلاته السابقة بتنظيم القاعدة.
وقال بيس: “الشرع يريد صفقة تجارية لمستقبل بلاده”، مشيراً إلى أن هذه الصفقة قد تشمل استغلال الطاقة والتعاون في مواجهة إيران والتعامل مع إسرائيل.
وأضاف: “لقد أخبرني الشرع بأنه يريد بناء برج ترامب في دمشق. يريد السلام مع جيرانه. ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل”.
وأشار بيس إلى أن الشرع تحدث أيضا عما يراه رابطا شخصيا بينه وبين ترامب: “كلاهما تعرّض لمحاولة اغتيال ونجا منها بأعجوبة”.
وقال مصدر مقرب من الشرع إن لقاء ترامب والشرع لا يزال ممكنا في السعودية، لكنه لم يؤكد ما إذا كان الشرع تلقى دعوة، بحسب الوكالة.
حراك دبلوماسي متسارع
في ظل هذا الحراك الدبلوماسي المتسارع الذي تشهده المنطقة، تزداد التوقعات حول إمكان عقد لقاء ثنائي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس السوري، برعاية سعودية، خلال زيارة ترامب المرتقبة إلى الخليج.
ويُنظر إلى هذه المبادرة ضمن إطار إعادة التموضع السوري إقليمياً، وتكثيف الاتصالات غير المباشرة مع الجانب الأميركي، في محاولة لإعادة فتح قنوات التفاوض حول قضايا استراتيجية عالقة، أبرزها الوجود الإسرائيلي في الجنوب السوري، ومسار العقوبات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، يُلاحظ توافق ملحوظ بين الرياض ودمشق حول ضرورة تحجيم الدور الإيراني في الإقليم، وإعادة ضبطه ضمن أطر متوازنة تحترم سيادة الدول.
كما يلتقي الطرفان في مسعاهما لتهيئة بيئة سياسية مستقرة تسمح بتنفيذ مشاريع طاقة كبرى، وعلى رأسها إيصال الغاز الخليجي إلى أوروبا عبر الأراضي السورية، وهو ما يمنح سوريا ثقلاً جيوسياسياً جديداً يُعيد موقعها كممر استراتيجي في معادلات الطاقة الدولية.
وتراهن دمشق على هذا الدور الإقليمي المستجد في إطار محاولة جذب الاستثمارات الغربية، من خلال تقديم حوافز اقتصادية، بينها تسهيلات متعلقة بقطاع الطاقة والبنى التحتية، والتلويح بمشاريع رمزية كإنشاء برج تجاري يحمل اسم ترامب في العاصمة دمشق. هذه الطروحات، وإن بدت رمزية في شكلها، تعكس تحوّلاً في أدوات الخطاب السياسي السوري، من خطاب التحدي إلى خطاب التفاوض القائم على المصالح المتبادلة.
مفاوضات غير مباشرة ومساعٍ لتفكيك الاشتباك مع إسرائيل
على خط موازٍ، تشير المعطيات إلى وجود قنوات تفاوض غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب، يجري بعضها عبر وسطاء إقليميين، بهدف معالجة ملف الجنوب السوري والوجود الإسرائيلي المتصاعد فيه، وفقاً لما نقلته وسائل إعلام عربية ودولية.
وتهدف دمشق من خلال هذه القنوات إلى نزع الذرائع التي تبرر بقاء إسرائيل داخل الأراضي السورية، سواء عبر الادعاءات المتعلقة بالوجود الإيراني أو تحت غطاء إنساني.
ويرى مراقبون أن الدولة السورية تتّبع اليوم تكتيكاً جديداً يقوم على تصفير العداء المباشر، والبحث عن مخرج سياسي يُعيد تثبيت موقعها كفاعل إقليمي مسؤول ضمن المنظومة الدولية.
وتأتي هذه المقاربة في إطار استراتيجية أوسع لتقليل الهجمات الجوية الإسرائيلية، وتحقيق قدر من التهدئة، يوازيه سعي حثيث لرفع العقوبات الدولية وتطبيع العلاقات مع مراكز القرار الغربية.
وتُظهر المؤشرات أن هناك تحولاً تدريجياً في المواقف الدولية تجاه الملف السوري، مدفوعاً بمصالح أمنية واقتصادية، تسعى من خلالها الدول الكبرى إلى إعادة ضبط التوازن في الشرق الأوسط، على قاعدة الشراكة لا الصراع.