حاورتها: كريمة السعيد – دمشق – تفاصيل برس (خاص)
مجد جدعان السيدة القادمة من أمريكا بعد غياب 17 عاماً عن سوريا ترفض أن يتم تعريفها بما لا يمثلها؛ وتكتفي بالقول أنا مجد توفيق جدعان ثائرة سورية حلمت بالحرية وعشتها اليوم.
تقول السيدة السورية الأمريكية إنها قادمة من أجل إعادة إعمار السوريين وليس سوريا فقط! وإنها تحمل مشروعاً تعليمياً لا واجبات منزلية فيه بل ويعالج المشاكل النفسية للأبناء.
كل ذلك وأكثر في حوار خاص لـ موقع تفاصيل برس مع السيدة مجد جدعان:
مرحباً بك سيدة مجد في هذا اللقاء للحديث عن مشروعك في سوريا وظروف عودتك.
بداية أهلاً وسهلاً بكم في منزل توفيق جدعان؛ لقد اتخذت قراراً بالعودة منذ اليوم الأول للتحرير وكنت بتاريخ 4/ 1 داخل سوريا المحررة أو “سوريتنا الحرة”.
لم أشكّ للحظة أن النّصر قادم ولكنه تأخر بالفعل وأخذ الكثير من الوقت لدرجة أنني بدأت أيأس آخر شهرين؛ ولكن ما حدث أخيراً كان إعجازاً بكل المقاييس .
صحيح أنه كان متوقعاً ولكن ليس لدرجة أن تتحرر سوريا بالكامل خلال ثلاثة أسابيع ..لقد تحقق هذا الحلم الذي لطالما حلمت به مع جميع أبناء الشعب السوري.
وما هو مشروعك الذي تحملينه لسوريا الجديدة؟
لدي حلم .. أن أتمكن من تحديث تعليم سوريا، وما أقصده هو تحديث المناهج مدفوعة بما أراه من توفر الأرضية الخصبة له والكثير من الأصداء هنا وهناك سواء من القيادة أو الدوائر المحيطة بالقيادة وحتى في الأروقة الدولية وهذا ما يعطيني الدافع للأمام بشكل أكبر.
وعندما أتحدث عن قضية تحديث المناهج السورية فإنني أقصد بها المواد العلمية من فيزياء وكيمياء ورياضيات وتقنيات.
ومن أين تبدأ رحلة تغيير المناهج التعليمية الحالية؟!
سوريا .. باعتبارها بلداً عانى لفترة طويلة، فهي بحاجة للاستلهام من تجارب الدول المتقدمة في مجال التعليم ريثما تتاح لنا فرصة تأسيس مراكز بحوث خاصة بتطوير المناهج التعليمية ولعل هذا حلم آخر بحد ذاته؛ ذلك أن الطريق لا يزال طويلاً في حين تشكل المناهج التعليمية اللبنة الأولى لبناء الإنسان؛ وهذا يشمل المرحلة من صفوف الحضانة وحتى البكالوريا.
وحالياً تعتبر فنلندا البلد الأول عالمياً في قطاع التعليم حيث تعليم أقل وتعلّم أكثر، بوجود نهج تطبيقي استنتاجي بعيد عن التحفيظ والتلقين.
أقول حفظي لأن المناهج الدراسية السورية قائمة على الحفظ فجميع الكتب بين أيدي أبنائنا الطلاب السوريين هي كتب فقط للحفظ فيها معلومات ولكن ليست مترابطة بالقدر الكافي ولا تتبع استراتيجية التوسع الأفقي ولا العمودي للمعلومة.
الأفقي اقصد به اتساع كم المعلومات لتدخل في إطار التخصص بينما عمودي فهو عمق المعلومة المرتبط بتقدم الصفوف الدراسية وفق تطور استيعاب الطالب.
كيف ترتبين الأمر مع الحكومة؟!
المناهج دائماً ما تكون جزءاً من سياسة دولة ما، وهي قرار وطني وقومي .. وعلى المستوى الشخصي لدي أمل بالله كبير أن أستطيع إيصال رسالتي للقيادة وأن تتاح لي فرصة شرح ضرورة اعتماد التجربة التعليمية في فنلندا.
منهج بلا واجبات منزلية!
أيهما تفضلين سينغابور أو فنلندا؟
لدينا تجربتين يمكننا الاستلهام منهما هما تجربتي سينغابورا وفنلندا، ولكن فنلندا على وجه التحديد أثبتت ريادتها عالمياً في مجال التعليم فالمناهج الفنلندية تنمي الابتكار وتوسع مدارك الطفل دون أن تجعله جامداً أمام الكتاب حتى أن الطالب يعود إلى المنزل دون أن يكون لديه Homework كما تخفف عن الطالب أعباء الامتحانات وتطبق فيها اللامركزية.
ما الذي يميز المناهج الفنلندية أيضاً؟
فنلندا اليوم تتربع على قمة الصدارة لجهة المراكز الأولى التي يحصدها الطلاب الفنلنديون في امتحانات التقييم الدولية وكذلك في تصدير أفضل موارد بشرية في سوق العمل العالمي.
ما هو أكبر عائق أمام مشروعك؟
المشكلة الأساسية التي تحيط بقطاع التعليم في سوريا هي الأعداد الكبيرة للطلاب خارج أسوار المدرسة ومقاعد التعليم بعضهم حرموا من التعلم لأكثر من 12 عاماً بعضهم لم يحمل دفتراً أو قلم طيلة حياته!
هؤلاء الصغار هم مسؤولية الأهالي و أصحاب الخبرة والقيادة على السواء؛ يمكن توفير برامج خاصة لهم لكون أعمارهم تساعد أن يستوعبوا ثلاثة صفوف في عام واحد.
وبخلاف كونها المناهج رقم واحد في العالم ما يدفعني للإعجاب حقا بالمناهج التعليمية الفنلندية أنها فعلا مصممة بطريقة تعالج فيها المشاكل النفسية عند الطالب
لا أعلم إن كان يحق لي الحديث بهذه الطريقة ولكني أزعم أن جميع السوريين وأنا أولهم بحاجة لعلاج نفسي حتى ننسى البارحة ونفكر بالغد دون أن يكون الأمس موجع لنا
واطفالنا والأبناء السوريين مروا بالكثير من الظروف غير الطبيعية حتى لو كانت مجرد أصوات مدافع وضرب فهي غالبا ما تترك رواتب نفسية في عقول الأطفال قد لا تبدو في طفولتها ولكنها ولابد أن تظهر عند الكبر.
المناهج الفنلندية تعالج هذه المشاكل لكونها تأخذ الطالب من الخيال وتضعه في الواقع
وتأخذه من عالم الورقة والقلم والكتاب الذي يجلس أمامهم إلى عالم من صنع يديه ..حيث يحلل ويكتشف بنفسه.
ما هي التقنيات اللازمة لمشروعك ما الذي تحتاجينه للانطلاق؟
الموضوع أبسط مما نتخيل ليس هناك حاجة للكثير من التقنيات نحتاج لترجمة المنهاج الفنلندي وهذا ميسر بالذكاء الاصطناعي ولكن حقا ما يحتاج لجهد وتكلفة هو الطباعة وتأهيل الكوادر من المعلمين والمعلمات.
وهنا أود التقدم بالشكر لدولة الكويت التي قالت إنها ستشارك في إعادة إعمار المدارس وترميها ادعوهم عبر منبركم الكريم لدعم مشروع المناهج الفنلندية وخاصة أن فنلندا لديها أيضا نماذج معمارية للمدارس وتوزيع الصفوف والقاعات والمقاعد.
افضل الانتظار ريثما تصدر القرارات الحكومية من أجل أن نلتمس مدى تقبل الحكومة لهذه التجربة والاقتراحات.
ماذا عن المواد غير العلمية الاجتماعيات والديانة؟
لابد أن تؤلف المناهج الاجتماعية في سوريا وكذلك المناهج الدينية.
وهنا لدينا تحد بالفعل قائم .. حيث أن تأليف هذه المناهج لابد أن يتماشى مع المناهج التعليمية العلمية ولابد أن تتماشى طريقة تدريس العلوم الاجتماعية مع طرق تدريس العلوم والرياضيات والمناهج العلمية.
وكخطوة أولى أقترح أن يتم إرسال بعثة من المدرسين السوريين إلى فنلندا واقترح توقيع بروتوكول تعاون بين الجمهورية العربية السورية ودولة فنلندا للاستفادة بصورة أفضل من كامل التجربة ولا سيما الاستفادة من مراكز الأبحاث هناك.
التحديات موجودة ولكن طرق حلها سهلة وبسيطة ومعروفة وهنا آمل أن تأخذ الحكومة هذا الطرح بعين الاعتبار وأنا جاهزة لأي توسع في تفاصيل المشروع أو تشبيك مع الأطراف الأخرى.
كيف سيتم التعامل مع غياب إحصاءات حديثة في سوريا؟
الحاجة للإحصائيات حاجة ملحة في سوريا؛ أولا نحن لا نحسد القيادة الموجودة على التركة الثقيلة لديها حتى التعليم ليس استثناء، أضف إلى ذلك أهمية الإحصاءات من أجل بناء المدارس وإعادة المتسريين دراسيا.. لابد من توافر قاعدة بيانات حول التعداد السكاني وعدد المدارس والكثافة السكانية. مع الأخذ بعين الاعتبار عشر ملايين سوري خارج سوريا.
لا نريد لأي مغترب أن يقول هل علي التخلي عن حلم تعليم أبنائي في المدارس الألمانية أو الأمريكية.. فعندما نتبنى مناهج تعليم هي أفضل مناهج تعليم في العالم هذا سيشجع المغتربين على العودة
وهنا اعتقد ان مهمة الاخصاء مهمة وطنية علينا جميعا شعبت وقيادة ودولة أن نبدي استعدادا للمشاركة فيها من أجل الكثير من الأهداف وليس فقط التعليم.
حدثينا عن تجربتك في تأليف المناهج؟
لدي تجربة في تأليف المناهج تعود للعام 2004 لمراحل الطفولة المبكرة لما قبل المدرسة وقمنا بإصدار طبعات عالية الجودة واقتصادية بآن معاً نظراً لاعتماد طبعات بحجم صغير المضحك المبكي أن وزارة التعليم آنذاك قامت بتقليدنا على ورق بجودة منخفضة رغم وجود حقوق طباعة ونشر حتى أن كلمة الوزير مشابهة لكلمتي للطلاب كناشرة!
رغم ذلك كانوا يبيعونه بسعر أعلى بثلاث أضعاف من نسختنا هذا لما سبق .. الآن نشكر الله أن الأحلام عادت وعاشت من جديد