بلال الخلف – تفاصيل برس
زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى دولة قطر تحمل الكثير من الأبعاد، ولا شك أن أي تقارب حقيقي مع دولةٍ كانت من أبرز الداعمين للشعب السوري في أصعب لحظاته، هو خطوة موضع تقدير. فقطر دعمت السوريين على مستويات سياسية وإنسانية وإغاثية، ولا يمكن إنكار ذلك أو القفز فوقه.
لكن، وسط هذا الاحترام والامتنان، يبقى من حقي كمواطن سوري أن أُعبّر عن رأيي تجاه بعض المؤسسات التي نشأت في كنف هذا الدعم، والتي لم تكن – بالنسبة لي – على قدر المسؤولية أو الانتماء.
تحديداً، فضاءات ميديا، بمنصاتها الإعلامية وعلى رأسها ما يسمى “تلفزيون سوريا”، لم تكن يوماً معبّرة عن تطلعاتي كسوري، ولا قريبة من قضايا الناس وهمومهم. اختارت أن تمثّل صوتاً نخبوياً منفصلاً عن الواقع، وسارت في خطاب بدا وكأنه يُعاد إنتاجه ليُرضي الممول أكثر مما يُنصف الضحية.
قد تكون هذه المؤسسة قدّمت محتوى احترافياً من حيث الشكل، لكنها – من وجهة نظري – أخفقت في تمثيل الجوهر السوري الحقيقي: هوية شعب، ذاكرة ثورة، عمق إسلامي، وعدالة قضية.
لذلك، فإن هذه الزيارة تمثل فرصة حقيقية لفتح نقاش طال تأجيله: من يملك حق تمثيل السوريين إعلامياً؟ وهل يجوز أن يبقى اسم “تلفزيون سوريا” مرتبطاً بمشروع لا يرضى عنه قطاع واسع من السوريين؟
الإعلام الوطني يجب أن يُعاد إلى أهله، لا أن يُدار من الخارج، ولا أن يُحصر في أيدي جهة واحدة. نريد تنوّعاً، نريد مساحة حرة، نريد منبراً يعبّر عن مختلف الآراء، لا منبراً يُقصي ويُعيد تدوير نفسه على حساب الناس.
المرحلة القادمة تستدعي مقاربة جديدة، تنهي الاحتكار، وتفتح الباب أمام صوت وطني نقي، لا مشروط، ولا مصمَّم ليخدم أجندة محددة. صوت ينتمي لسوريا، بكل ما تحمله من ألم وأمل.
في النهاية، لا أبحث عن نزاع ولا أحرّض على إقصاء، بل أطالب بأبسط الحقوق: أن يُمثّل الإعلام السوري أبناءه الحقيقيين، لا أجندات الآخرين.
فكما لا يحق لي أنا – مهما بلغت مكانتي أو قدراتي – أن أؤسس قناة وأسميها “تلفزيون قطر” أو “تلفزيون الإمارات” ثم أملأها بما يوافق رؤيتي الخاصة، فبأي منطق يُسمح لمؤسسة لا تعبّر عن سوريا، أن تحمل اسمها وتنطق باسمها وتُقصي من لا يشبهها؟
سوريا أكبر من أن تختزل في مشروع إعلامي واحد، وأعمق من أن تُختصر في نَفَس نخبوي مشروط.
الإعلام السوري بحاجة إلى تحرير… لا من النظام هذه المرة، بل من قبضة من زعموا أنهم بديله.
تنويه: المقالات في هذا القسم تُعبر عن رأي كُتابها ولا تُعبر بالضرورة عن رأي تفاصيل برس