لم تعد الحرب الدائرة في الشرق الأوسط بين إسرائيل وما يسمى “محور المقاومة” حرباً بالمعنى العسكري المتعارف عليه لدى رواد المدرسة العسكرية.
بتعبير أدق ليست حرباً كما تنصّ عليه الأبجدية العسكرية والتي تكون حرب طرف أمام طرف آخر، حتى وإن اختلف ميزان القوى العسكرية بين الطرفين.
فإذا استثنينا مقاومة الفصائل الفلسطينية للجيش الإسرائيلي في غزة المنكوبة ونظرنا للضفة الأخرى من ساحات المحور لا نجد أي حرب تذكر على الأرض من قبل المحور المزعوم إلا على الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما أن ما يسمى “محور المقاومة” صدّع رؤوس الفلسطينيين خاصة والعرب عامة بما أسماه وحدة الساحات.
استئصال وكلاء عراب المحور
لم تكن خسارة إيران في حربها مع العراق (1980 – 1988) في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين محطّ خسارة بالنسبة لها فحسب بل عملت على بناء استراتيجية دفاعية جديدة آنذاك تقوم على خوض حروبها خارج أراضيها.
وعمدت لذلك بناء أزرع لها في المنطقة العربية وأخذت من القضية الفلسطينية شمّاعة لتوسعها في المنطقة، ومن تصدير ما يسمى بالثورة الإسلامية شعاراً لها.
فعندما اصطدمت بجدار العراق تسلَّلت إلى لبنان في ثمانينات القرن المنصرم، وأسست على حساب حركة أمل ميليشيا “حزب الله”.
في حين كانت خطة إيران الاستراتيجية تقوم على مبدأ “الدفاع عن النفس يبدأ من أراضي الغير” ومن هذا المنطلق تمددت في الدول العربية من لبنان إلى العراق ثم سوريا واليمن.
لكن العملية الاستئصالية التي تقوم بها إسرائيل في اجتثاث رؤوس محور الشرّ كما يسمِّيهم غالبية الجمهور العربي حشرت إيران في زاوية ضيقة بعد خسارتها لرؤوس غالبية محور المقاومة.
فقد كانت تصفية إبراهيم رئيسي وأمير عبد اللهيان في حادثة الطائرة الشهيرة على الحدود الأزرية الإيرانية منتصف العام الحالي، وتصفية قادة بارزين في الحرس الثوري الإيراني في سوريا ضربة موجعة لعراب المحور الإيراني.
ولسيت آخر الضربات التي تلقتها إيران يوم الجمعة 27 من شهر أيلول الحالي حينما أعلنت إسرائيل عن عدة غارات جوية استهدفت مقر قيادة حزب الله اللبناني في الضاحية الجنوبية، تُعلن إسرائيل في صباح اليوم التالي عن مقتل متزعم الحزب وأمينه العام حسن نصر الله.
إيران المحشورة في زاوية الرد
لطالما كان حال محور المقاومة عامةً وإيران خاصة يعاني من طغيان الأقوال على الأفعال ويعود ذلك بحسب مراقبين لعدة عوامل وأسباب أبرزها:
ضعف وترهل في البنية القيادية والإدارية في ظل العزلة الدولية التي تعاني منها إيران سيما بعد رفض كلاً من الصين وروسيا بتأمين مظلة حماية لها في حال صدامها مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما يطلق عليه جيوسياسياً “بالانكشاف الاستراتيجي”.
عدا عن التخبُّط الداخلي في بنية المؤسسات الإيرانية نتيجة الصراع على خلافة خامنئي.
ويرى محللون أن غرق إيران في المستنقع السوري وانكشاف ظهر ميليشياتها والخرق الأمني يجعل من ساحاتها التي لطالما حلمت أن تحولها لساحات حرب تحولت لساحات استئصال لقادتها.
* خلف محمد – ناشط سوري وطالب في كلية العلوم السياسية والإعلام بإدلب ومراسل تفاصيل برس