متابعات – تفاصيل برس
في خطوة جديدة تكسر عقوداً من القطيعة، وصل وفد حكومي سوري رفيع المستوى إلى العاصمة الأمريكية واشنطن للمشاركة في اجتماعات الربيع السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في زيارة تُعدّ محاولة لإعادة الإعمار بعد سنوات من الحرب والعقوبات.
وضم الوفد كل من وزير المالية السوري محمد يسر برنية، وحاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحُصرية، بينما توجه وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى نيويورك لحضور جلسات مجلس الأمن ولقاءات دبلوماسية جانبية، ومن المقرر أن يعقدوا سلسلة لقاءات مع مسؤولين في المؤسسات المالية الدولية وشخصيات دبلوماسية أمريكية وأوروبية.
أهداف الزيارة: إعادة الإدماج وتمويل الإعمار
أكد وزير المالية السوري أن الزيارة تهدف إلى “إعادة دمج سوريا في النظام المالي الدولي”، مع التركيز على الحصول على منح مالية لدعم القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والبنية التحتية، والتي دمرتها الحرب. وكشفت مصادر أن البنك الدولي يدرس تقديم حزمة مساعدات بقيمة مئات الملايين من الدولارات لتحسين شبكة الكهرباء ودفع رواتب الموظفين الحكوميين، كما تبحث سوريا إمكانية بيع “حقوق السحب الخاصة” لديها في صندوق النقد والبالغة 563 مليون دولار، رغم العقبات القانونية بسبب العقوبات .
من جانبه، شدد محافظ مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحُصرية، على أن “إعادة دمج سوريا في النظام المالي الدولي تمثل أولوية قصوى في هذه المرحلة”، مؤكداً التزام الوفد ببذل أقصى الجهود لتحقيق هذا الهدف.
عقبات رئيسية: العقوبات والشروط الأمريكية
رغم التفاؤل الحذر، تواجه سوريا عوائق جسيمة، أبرزها استمرار العقوبات الأمريكية والأوروبية، والتي وصفها الأمين العام المساعد للأمم المتحدة عبد الله الدردري بأنها “عائق كبير أمام التعافي”. وأشار إلى أن سوريا تحتاج إلى “استثمارات بعشرات المليارات” لا يمكن توفيرها تحت وطأة العقوبات. من جهتها، قدمت واشنطن قائمة شروط لدمشق، تشمل إصلاحات مالية وسياسية، كشرط مسبق لتخفيف العقوبات، وفق ما نقلته مصادر دبلوماسية.
دور إقليمي ودولي: السعودية والأمم المتحدة تدعمان المسار
في سياق متصل، سددت السعودية ديون سوريا المتأخرة للبنك الدولي بقيمة 15 مليون دولار، ما فتح الباب أمام دمشق للتقدم بطلب للحصول على قروض ميسرة. كما أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن خطة مساعدات لسوريا بقيمة 1.3 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، تشمل إصلاح البنية التحتية ودعم المشاريع الصغيرة. وأكد الدردري أن “الاستثمار في سوريا منفعة عالمية”، داعياً إلى رفع العقوبات “بشكل شامل” .
تقييم الخبراء: فرص وتحديات
يرى خبراء اقتصاد أن زيارة الوفد تمثل “فرصة نادرة” لإعادة التواصل مع المؤسسات المالية الدولية، لكنهم يحذرون من تعقيدات فنية، مثل عدم توافق النظام المصرفي السوري مع المعايير العالمية، وصعوبة تحويل الأموال بسبب العقوبات. كما يشكك بعض المحللين في قدرة سوريا على الوفاء بشروط البنك الدولي، خاصة فيما يتعلق بالشفافية المالية.
تعدّ هذه الزيارة اختباراً حقيقياً لإرادة المجتمع الدولي في دعم سوريا ما بعد إسقاط نظام الأسد، ويبقى السؤال معلقاً حول مدى قدرة هذا التحرك الدبلوماسي والاقتصادي على تحقيق اختراق حقيقي في جدار العزلة، وإحداث تحول ملموس في مسار الحالة السورية.