بلال الخلف _ تفاصيل برس
في تحرك دبلوماسي لافت، بدأ رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع زيارة رسمية إلى فرنسا، رافقه فيها وفد رفيع المستوى، ضمّ كل من وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، ووزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح، ورئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة.
الزيارة، التي استمرت عدة ساعات، حملت أبعادًا سياسية وثقافية، ورسائل داخلية وخارجية في آنٍ معًا، عكست رغبة واضحة في إعادة رسم خطوط العلاقة مع أوروبا، انطلاقًا من العاصمة الفرنسية باريس.
بداية الزيارة: لقاء استثنائي مع “قيصر”
استُهلت الزيارة بلقاء لافت بين الرئيس أحمد الشرع والناشط السوري فريد المذهان المعروف بـ”قيصر”، في خطوة وُصفت بالمفاجئة نظرًا لما تمثله شخصية قيصر من رمزية حقوقية ترتبط بملفات الانتهاكات خلال سنوات الحرب. اللقاء، الذي شارك فيه وزير الخارجية الشيباني، بدا كرسالة ضمنية بانفتاح الدولة على ملفات الماضي، والتعامل معها بأسلوب سياسي وحقوقي أكثر مرونة.
استقبال رسمي في الإليزيه
أبرز محطات الزيارة تمثلت في استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لنظيره السوري في قصر الإليزيه. اللقاء عُقد في أجواء رسمية، ناقش خلالها الطرفان مستقبل العلاقات بين البلدين، والتطورات الإقليمية، ودور سوريا في المعادلات الجديدة في الشرق الأوسط. الحضور الرسمي في قصر الإليزيه مثّل ذروة المشهد الدبلوماسي، وأعاد إلى الواجهة مشهداً غاب لسنوات طويلة عن العلاقات الثنائية بين سوريا وفرنسا.
الشؤون الفرانكوفونية: حوار ثقافي سياسي
عقب ذلك، التقى الرئيس الشرع بوزير الدولة الفرنسي للشؤون الفرانكفونية السيد محمد صويلحي، حيث تناول الطرفان سبل التعاون الثقافي، وتعزيز التبادل الأكاديمي، ودور اللغة الفرنسية في المؤسسات التعليمية السورية. اللقاء حمل بعدًا رمزيًا يعكس تطلع دمشق إلى تنويع أدوات التواصل والانفتاح عبر اللغة والثقافة.
منظمة “عمل الشرق”: البعد الإنساني حاضر
وفي محطة أخرى من الزيارة، التقى الرئيس السوري بالسيد باسكال جولنيش، رئيس منظمة “عمل الشرق”، وهي من أبرز المؤسسات المعنية بدعم المجتمعات المشرقية. اللقاء الذي حضره كل من وزيري الخارجية والطوارئ، تطرق إلى سبل التعاون في مجالات التعليم والصحة والإغاثة، في ظل الأوضاع الإنسانية المعقدة التي تمر بها المنطقة.
لقاء الجالية: الوطن في القلب
وخلال أمسية خاصة، اجتمع الرئيس الشرع مع عدد كبير من أبناء الجالية السورية في باريس، بحضور شخصيات أكاديمية وثقافية ورجال أعمال وممثلين عن منظمات المجتمع المدني. تحدث الرئيس مطولًا عن رؤية الدولة للمرحلة المقبلة، ودور السوريين في الخارج في المساهمة بإعادة بناء البلاد، مؤكدًا أن سوريا تتسع لكل أبنائها على اختلاف توجهاتهم.
برج إيفل: ختام رمزي لزيارة متعددة الأبعاد
وفي ختام الزيارة، قام الرئيس أحمد الشرع برفقة الوفد الرسمي بجولة في برج إيفل، أبرز معالم باريس، في لحظة رمزية اختزلت العلاقة بين السياسي والثقافي، بين الرسمي والشعبي، بين سوريا الباحثة عن موقع جديد، وفرنسا التي تفتح نافذتها التاريخية من جديد.
زيارة غيّرت قواعد التقدير
الزيارة لم تكن تقليدية في مضمونها، بل حملت في ترتيب محطاتها تنوعًا مدروسًا، ووجهت رسائل مدنية، وسياسية، وإنسانية. لقاء “قيصر” كسر الحواجز الرمزية، والإليزيه أعاد العلاقات لمستوى الرئاسة، ولقاءات الوزارات والمنظمات حفرت مساحات للتعاون، أما لقاء الجالية فخاطب الوجدان السوري في المنفى. وبين كل محطة وأخرى، كان هناك ما يمكن قراءته على أنه إعادة بناء لصورة سوريا، أو على الأقل محاولة لذلك.


























































































