بلال الخلف – تفاصيل برس
تطلّ علينا هبّة عزّ الدين… أو ربّما هبّة الحجي… أو لعلّها هبّة من هبّات الزمان التي لا نعرف من أين تأتي ولا لماذا، لكنها تأتي دومًا وهي تحمل في جعبتها كشفًا مروّعًا:
لقد رأت صبيةً تمشي مع شاب… وترتدي حجابها بشكلٍ اعتباطي!
نعم، اعتباطي! الكلمة التي تصلح لعنوان ديوان شعر تجريدي، أو ربما لاسم مجموعة فنية غامضة في برلين، لكنها عند هبة تشكّل دليلاً دامغًا على الانحراف الأخلاقي!
ثم تكمل التحقيق:
الصبية، حسب تحليلها، “سبية من الساحل”!
سبية؟! تمشي في الطريق العام؟ ترتدي حذاء “جيمي تشو”؟ تشرب “لاتيه كراميل” من “نورث كافيه”؟ تتسوّق في “مول الحمرا ” و”مول التلل”؟
والله زمن الرفاهية حتى للسبايا!
هل السبي اليوم يتضمّن خصمًا في “الحميدية”؟
هل تمنحك بطاقة سبية عضوية ذهبية في “سلسلة كيوي”؟
لكنّ الحكاية لا تقف هنا…
أنا شخصيًا، وبلسان الحال أقول، لا أُعنى كثيرًا بمظهري… ألبس ما أرتاح فيه، أحيانًا أخرج كأني هارب من فيلم أبيض وأسود…
فجأة، هذا المساء، رأتني والدتي وأنا على وشك الخروج، فتنهّدت تنهيدة الأمهات وقالت:
“بلا هالطلعة، ناقصنا يقولو خطفوا شب من الساحل!”
وبينما كنت أضحك من الموقف، تذكّرت أنني علّقت على منشور “هبة” ذاتها، انتقدت فكرتها الغريبة حول الصبية والحجاب والأسْر الحضاري…
لكن فجأة شعرت بالخوف…
ليس من الله، بل من هبة!
خفت أن تُصاب بنوبة “عُظْمَوية حادة”، وتفتح أرشيف الـGmail لتستخرج الCV الذي أرسلته قبل خمس سنين للمنظمة التي كانت تديرها، وتنشره على صفحتها في منشور بعنوان:
“انظروا من يهاجمني، إنه من متقدّمي منظمتنا!”
فقد صار ذلك عرفًا جديدًا، بعد أن بدأ تلفزيون سوريا بحملة الردح الكبرى، ليس بالحجج، بل بنشر السير الذاتية لكلّ من انتقده، وكأنّه يقول:
“نعم، نحن فاسدون… لكنكم أنتم طمعتُم بنا أولًا!”
في النهاية، أقول ما يقوله الجميع في هذا الوطن المجنون بصوت داخلي مكبوت:
“نعيش في مسرح هزلي… ممثلوه يعانون جنون العظمة، وجمهوره يخاف من أن يُنشر طلب التوظيف الذي أرسله عام 2018!”.
تنويه: المقالات في هذا القسم تُعبر عن رأي كُتابها ولا تُعبر بالضرورة عن رأي تفاصيل برس