بعد سقوط أعتى نظام دموي في العصر الحديث، نظام الأسد، وانتصار الثورة السورية، عجّت الساحة الدولية بتصريحات الترحيب والدعم. عشرات الدول هنّأت الشعب السوري بهذا الإنجاز التاريخي، فيما أبدت بعض الأطراف حذرها المعتاد تجاه التغيرات الكبرى. لكن وسط هذا المشهد المتفائل، برز موقف دولة الإمارات العربية المتحدة كاستثناء صارخ ومخجل.
فقد جاءت تصريحات المسؤولين الإماراتيين مخيبة للآمال، إذ وصفت الثورة بأنها “فوضى وإرهاب”، وتباكت على سقوط نظام الأسد الذي ارتكب أفظع الجرائم بحق شعبه. ولم يكتفِ الموقف الإماراتي بالتنديد اللفظي فقط، بل تزامن مع إعلان تجميد المساعدات الإنسانية لسوريا، ووقف شحنة نفط كانت مقررة لسوريا.
فهم العقلية الإماراتية: دعم الطغاة وخوف من التغيير
الموقف الإماراتي هذا ليس وليد اللحظة، بل يعكس توجهًا أيديولوجيًا واستراتيجيًا تتبناه أبوظبي منذ سنوات. لفهم هذا التوجه، يجب إدراك أن الإمارات ترى في الثورات الشعبية خطرًا يهدد استقرار أنظمتها الحاكمة، خاصة مع تصاعد دعوات التغيير والديمقراطية في المنطقة العربية.
1_كراهية التغيير الثوري:
تخشى الإمارات من أن تنتقل عدوى الثورات إلى الداخل الخليجي، مما يهدد بنية الحكم القائمة على السلطة المطلقة. لذلك، تسعى دائمًا إلى دعم الأنظمة الديكتاتورية التي تضمن بقاء الوضع الراهن، وتستثمر في محاربة كل تحرك شعبي يطالب بالحرية والكرامة.
2_ رؤية مشوّهة للثورات:
تعتمد أبوظبي على تصوير الثورات كحالة من “الفوضى” و”الإرهاب” عبر أدواتها الإعلامية، لتشويه صورة المطالبين بالتغيير وإيهام شعوب المنطقة بأن الطغيان هو البديل “الأكثر أمانًا”.
3_ مصالح إقليمية معقدة:
تحالفات الإمارات مع قوى إقليمية، مثل روسيا وإيران واسرائيل، تُفسر جزئيًا حرصها على بقاء الأسد أو أنظمة مشابهة له. بقاء هذه الأنظمة يعني استقرار المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة، حتى لو كان ذلك على حساب دماء الشعوب.
4_ خشية من نفوذ إسلامي شعبي:
تعتبر الإمارات أي صعود لقوى إسلامية معتدلة منبثقة عن الحراك الشعبي خطرًا عليها. فهي تحارب هذا التيار باعتباره تهديدًا لمنظومتها السياسية، رغم أن معظم هذه القوى كانت جزءًا من الحركات الوطنية الساعية للحرية.
لماذا يجب الحذر من الإمارات وإعلامها؟
1_محاولات تقويض الاستقرار:
قد تسعى الإمارات لاستغلال مرحلة ما بعد سقوط الأسد لدعم أطراف تُعيد خلق الفوضى، بهدف إضعاف الثورة وعرقلة بناء سوريا الجديدة.
2_ التضليل الإعلامي:
الإعلام الإماراتي يُمثل أداة رئيسية لنشر الأكاذيب وتضخيم السلبيات، بهدف إفقاد السوريين الثقة بثورتهم وتشويه قادتهم.
3_الابتزاز الاقتصادي:
تجميد المساعدات ووقف الدعم النفطي ليس سوى البداية. قد تلجأ الإمارات لسياسات ابتزازية تعرقل إعادة الإعمار إذا لم تتوافق الحكومة الانتقالية مع مصالحها.
الثورة مستمرة رغم المؤامرات
إن انتصار الثورة السورية وسقوط نظام الأسد كشف الأقنعة عن مواقف كثير من الدول، وعلى رأسها الإمارات. ورغم التحديات، يبقى وعي السوريين وثباتهم الضمانة الأساسية لإفشال أي محاولة لتقويض ثورتهم. الحذر مطلوب، لكن الإصرار على بناء سوريا الحرة والديمقراطية هو الرد الأمثل على كل من يراهن على عودة الطغيان بوجه جديد.