متابعات-تفاصيل برس
في واحدة من أبرز تحركاتها الأمنية خلال السنوات الأخيرة، تشن دمشق حملة ميدانية متصاعدة تستهدف تفكيك بقايا شبكات التهريب العابرة للحدود، والتي لطالما عملت كخط إمداد غير رسمي يخدم مصالح إيران وذراعها الأبرز في المنطقة: حزب الله اللبناني.
لكن ما يحدث اليوم لا يُختزل في مشهد أمني اعتيادي، بل يُقرأ كإعلان ضمني لنهاية مرحلة كانت فيها الحدود السورية اللبنانية مسرحًا مفتوحًا للتهريب، والتحايل، والمال الأسود.
الحدود تُغلق بوجه الحلفاء القدامى
هذه الحملة ليست ضد “مهربين” بالمعنى التقليدي، بل ضد منظومة شبه رسمية تشكلت في ظل الفوضى، واتخذت من التهريب بوابة للسيطرة والنفوذ. الحزب الذي كان يملأ الفراغ الأمني بموارده، أصبح اليوم أحد المستهدفين المباشرين، بعدما تحوّلت أنشطته إلى عبء سياسي واقتصادي على سوريا.
مصادر متابعة ترى أن دمشق تسعى إلى إنهاء المرحلة التي كانت فيها “المعابر الخلفية” طريقاً آمناً لتهريب السلاح والكبتاغون، ليس فقط إلى لبنان، بل إلى ما هو أبعد، حيث كانت هذه العمليات تموّل مشاريع النفوذ الإيراني في عدة ساحات.
من خطوط التموين إلى جبهات الصراع
تاريخياً، نشأت هذه الشبكات على هامش الصراعات الكبرى، وازدهرت عندما غابت الدولة وتضخّمت مع صعود حزب الله كلاعب متحكّم بالقرار اللبناني. لم تكن مجرد تجارة غير شرعية، بل جزء من شبكة نفوذ إقليمي، استخدمت الحدود كمسار آمن لنقل المال والعتاد والمخدرات، ضمن مشروع سياسي يتجاوز الحدود.
لكن انهيار النظام الإقليمي الذي رعته إيران لعقود، خلخل هذه الشبكة، وتركها تتفتت إلى مجموعات أصغر، لكنها أكثر مراوغة، وأكثر جرأة.
شركات تهريب صغيرة… وأجندات كبرى
في المشهد الجديد، لم تعد الحدود تعج بمهربين كبار، بل بخلايا صغيرة ترتبط بمصالح متشابكة، تبدأ من السوق السوداء ولا تنتهي بدعم مجموعات متطرفة تزعزع الأمن الداخلي. وهي خلايا تعرف تضاريس الأرض، وتتحرك بخفة، وتستفيد من فراغات ما بعد الحرب.
الجيش السوري، من جهته، يخوض مواجهات عنيفة على الجبهات الحدودية، في محاولة لإنهاء الفوضى، واستعادة سيطرة الدولة على كل شبر خارج عن القانون.
استرداد القرار الوطني
ما يجري اليوم ليس مجرد إعادة تنظيم أمني، بل استرجاع لواحد من أهم رموز السيادة: السيطرة على الحدود. فكل معبر غير شرعي هو خرق سياسي، وكل شبكة تهريب هي أداة بيد الخارج.
الحملة السورية، إذن، ليست عملية محدودة، بل رسالة إلى الداخل والخارج: لا سلاح خارج سلطة الدولة، ولا تجارة خارج القانون، ولا وكلاء يتصرفون وكأن سوريا ملعب مفتوح.