يعتبر “أسبوع الفضاء العالمي” الذي يبدأ في 4 تشرين الأول وحتى 10 منه، أكبر فعالية سنوية متعلقة بالفضاء في العالم.
وتقول الأمم المتحدة إنّها “تبني قوى المستقبل العاملة عن طريق إلهام التلاميذ وإبراز الدعم الشعبي المشاهد لبرنامج الفضاء، وتثقيف العامة بشأن الأنشطة الفضائية، وتعزيز التعاون الدولي في التوعية بمسائل الفضاء وتعليمها. وفي عام 2018، عقدت أكثر من 5000 فعالية في أكثر من 80 دولة احتفالا بالأسبوع العالمي للفضاء”.
سوريا قدّمت للعالم رائد الفضاء محمد فارس الذي توفّي قبل أشهر في تركيا، ودّفن في شمال سوريا.
موقع تفاصيل يحتفي بالراحل محمد فارس عربوناً لما قدّمه لسوريا والعالم، وللتذكير بهذه القامة السورية التي غيّبها الموت.
محمد فارس، وُلد في 26 مايو 1951 في مدينة حلب، هو أحد أبرز الشخصيات في تاريخ سوريا، لاعتباره رائد فضائها الأول.
بدأ حياته المهنية كطيار مقاتل في سلاح الجو السوري، حيث أظهر مهارات استثنائية في قيادة الطائرات المقاتلة “ميغ 21”.
لم يكن فارس مجرد طيار عادي، بل كان أيضًا مدربًا للطيران، مما جعله شخصية محورية في تطوير قدرات الطيران في سوريا.
في عام 1985، تم اختيار محمد فارس ليكون جزءًا من برنامج الفضاء السوفيتي، وهو اختيار لم يكن مفاجئًا نظرًا لمهاراته وكفاءته العالية.
بعد عامين من التدريب المكثف، انطلق فارس في 22 يوليو 1987 في رحلة فضائية على متن المركبة “سويوز TM-3” إلى محطة الفضاء “مير”.
خلال هذه الرحلة، التي استمرت حوالي 7 أيام، قام فارس بإجراء العديد من التجارب العلمية والتقنية، مما ساهم في تعزيز التعاون العلمي بين سوريا والاتحاد السوفيتي.
بعد عودته من الفضاء، استمر محمد فارس في العمل في مجال الطيران والفضاء، وشارك في العديد من الفعاليات والمؤتمرات العلمية. حصل على العديد من الأوسمة والتكريمات تقديرًا لإنجازاته، بما في ذلك وسام بطل الاتحاد السوفيتي ووسام لينين.
مع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، اتخذ محمد فارس موقفًا جريئًا بالانحياز إلى صفوف المعارضة السورية. هذا القرار كان له تداعيات كبيرة على حياته، حيث اضطر إلى مغادرة سوريا واللجوء إلى تركيا.
استقر فارس في مدينة غازي عنتاب، حيث استمر في دعم الثورة السورية من خلال مشاركته في الفعاليات والأنشطة التي تهدف إلى تسليط الضوء على معاناة الشعب السوري.
موقف النظام السوري من انشقاق محمد فارس كان شديدًا، حيث اعتبره خيانة للوطن. تم تجريده من جميع الأوسمة والرتب العسكرية التي حصل عليها خلال مسيرته المهنية. كما تعرضت عائلته في سوريا للضغوط والمضايقات، مما زاد من تعقيد وضعه الشخصي.
توفي محمد فارس في 19 أبريل 2024 عن عمر يناهز 73 عامًا بعد صراع مع المرض في أحد مستشفيات غازي عنتاب. بناءً على وصيته، تم نقل جثمانه إلى سوريا ليدفن في مدينة أعزاز شمال حلب، حيث تم تكريمه بجنازة مهيبة حضرها العديد من الشخصيات الوطنية والدولية.
محمد فارس لم يكن مجرد رائد فضاء، بل كان رمزًا للأمل والإصرار. قصته تلهم الأجيال الجديدة للسعي نحو تحقيق أحلامهم، بغض النظر عن التحديات والصعوبات. إن إرثه سيظل حيًا في قلوب السوريين وكل من يؤمن بأن السماء ليست الحدود، بل البداية.
نحتفي بحياة وإنجازات محمد فارس، الرجل الذي تجاوز حدود الأرض ليصل إلى النجوم، والذي سيظل دائمًا رمزًا للفخر الوطني .