أنقرة – تفاصيل برس
في ظل موجة العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، بدأت وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية إجراء دراسة ميدانية شاملة لقياس تأثيرات هذه العودة على سوق العمل المحلي.
وتستهدف الدراسة 11 ولاية تركية، منها غازي عنتاب وأضنة وهاتاي وإسطنبول وإزمير وبورصة ومرسين وقونية وكيليس وعثمانية وشانلي أورفا، حيث ستجري مقابلات مع أكثر من 16 ألف شركة تمثل 17 قطاعاً اقتصادياً حيوياً .
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب عودة أكثر من 175 ألف لاجئ سوري منذ ديسمبر 2024، بعد التغيرات السياسية والأمنية في سوريا. وتشير البيانات الرسمية إلى أن إجمالي العائدين منذ بدء برامج العودة الطوعية في 2017 تجاوز 915 ألف شخص، بينما أعلنت الأمم المتحدة عن عودة نحو 400 ألف لاجئ من دول الجوار إلى سوريا خلال الفترة نفسها.
الوزير التركي للعمل صرح بأن “الدراسة تهدف لفهم حجم الفراغ في سوق العمل ووضع حلول سريعة”، مشيراً إلى أن “بعض القطاعات ستتأثر أكثر من غيرها”.
في المقابل، يتوقع خبراء اقتصاديون أن تؤدي هذه التحولات إلى:
– ارتفاع الأجور للعمال الأتراك.
– تحفيز الاستثمار في التكنولوجيا.
– فتح فرص عمل جديدة للشباب التركي.
من جانبه، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن “تركيا تحترم خيار السوريين بين البقاء أو العودة”، مشدداً على أن “بلاده ستواصل تقديم الدعم للاجئين في كلا الحالتين”. كما كشف مسؤولون أتراك عن مشاورات مع الجانب السوري لتنظيم حركة العودة وتسهيل إعادة إدماج العائدين.
وفي سياق متصل، أظهرت تقارير أن السوريين يشكلون جزءاً كبيراً من القوى العاملة في تركيا، خاصة في قطاعات الزراعة والإنشاءات والصناعة، حيث يعمل نحو 100 ألف عامل سوري بشكل نظامي، بينما يقدر عدد العمال غير المسجلين بنحو 500 ألف . وتخشى بعض الشركات التركية من نقص العمالة وارتفاع تكاليف التشغيل نتيجة هذه العودة، ما قد ينعكس على أسعار السلع والخدمات .
يذكر أن عدد السوريين الخاضعين لنظام “الحماية المؤقتة” في تركيا انخفض إلى مليونين و797 ألف شخص، وهو الأدنى منذ عام 2016 . وتدرس الحكومة التركية إمكانية استبدال هذا النظام بآخر أكثر استقراراً، مثل منح “البطاقة الزرقاء” التي تتيح للسوريين حقوقاً مشابهة للأتراك في العمل والخدمات دون منحهم الجنسية .
هذه التطورات تضع الحكومة التركية أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على استقرار سوق العمل مع الاستفادة من فرص إعادة الإعمار في سوريا، في وقت تشير فيه التقديرات إلى أن العودة الجماعية للاجئين قد تستمر خلال العامين المقبلين.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستنجح تركيا في تحويل هذا التحدي إلى فرصة لإصلاح سوق العمل؟ الإجابة قد تأتي مع نتائج الدراسة الميدانية المتوقعة خلال الأشهر القليلة المقبلة.