دمشق – تفاصيل برس
تسبب نشر صورة للرئيس السوري أحمد الشرع، يوم أمس، في أثناء توقيع اتفاق بين شركة CMA فرنسية والهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية.
واعتبر البعض أن وقوف الرئيس خلف الشخصيات التي تتابع توقيع الاتفاقية، غير لائق من ناحية مقام الرئاسة، وكان يجب أن يتم تنظيم هذه التفاصيل.
والبعض ذهب لأبعد من ذلك، متسائلين عن السبب الذي يجعل الرئيس حاضراً في هذه الاتفاقية، علماً أنها من اختصاص وزراء الدولة.
للوقوف عن هذه التفاصيل، رصدنا رأياً لـ محمد عصام محو، تحدث بالقول: عندما يحضر قادة الدول أو رؤساء الوزراء بأنفسهم مراسم توقيع اتفاقيةٍ ما، فإن لهذا الحضور خمسُ دلالات عميقة ومقصودةٍ ومعروفةٍ لا تخفى على خبراءِ القراءَتين البروتوكولية والسياسية.
وأشار “محو” وهو مستشار الرئاسة في اتحاد المبدعين العرب (بجامعة الدول العربية) إلى أنّ ذلك يأتي لــ:
1- إبراز أهمية الاتفاقية:
وجود القائد أو الرئيس دليلٌ على أن الاتفاقية ليست عادية، بل ذات أهميةٍ استراتيجيةٍ قُصوى تمسُّ مصالح الدولة على مستوياتٍ عليا… (والمنافذ البحرية) وتطويرها في دولةٍ كسورية، ورفدها بـ 250 مليون يورو، إنجازٌ وأمرٌ غير مسبوق، كما أنه أكثرُ من مجردِ اتفاقية…
2- رسالة سياسية:
الحضور يُعَدُّ بمثابة إعلان رسمي أمام العالم بأن الدولة تلتزم بما ورد في الاتفاق، ما يعزز المصداقية السياسية ويُطمئن الأطراف المهتمة، والدول المراقبة.
3- تعزيز العلاقات الثنائية (حال كان الطرفانِ حكوميان)
حضور القادة يعبّر عن قوة العلاقة بين الدولتين، وغالبًا ما يكون مؤشرًا على بداية تعاون أوسع وأعمق في مجالات متعددة.
أما في حالِ حضورِ رئيس الدولةِ أو رئيس الوزراء منفردًا؛ (فيكون الطرفُ الآخرُ بالضرورةِ غيرَ حكومي) وهنا تصبحُ الرسالةُ الثالثة مختلفة (وأعمق في الحالة السورية):
وهي تشجيعُ المزيدِ من الشركاتِ العالمية المماثلة للتوقيع، كما تعدُّ حركةً ذكيةً للغاية تعبرُ عن اهتمام الدولةِ “من خلال رأسها” بأيةِ توقيعاتٍ مماثلة، وهذا يفعلهُ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وغيره من القادةِ المحنَّكينَ المهتمينَ بنهضةِ بلادهم ودعمِ رؤوس الأموال الأجنبية.
وأجزم كثيرًا من كبرى شركات العالم ستتسابق لتنالَ ما نال شركة «CMA CGM» الفرنسية ومديرها جوزيف دقاق… في هذهِ الصورةِ الاستثنائية بحضورِ رجلٍ يعدُّ من الرجالِ الأكثر تأثيرًا في العالم هذا العام حسب “فوربس” العالمية…
4- أثر ٌإعلامي ودبلوماسي:
هذه اللحظات عادةً ما تُوثَّق وتُنقل عبر وسائل الإعلام، ما يجعلها حدثًا رمزيًا ومؤثرًا يُستخدم لترويج صورة إيجابية للدول وقادتها، والسيد الشرع (حاليًا) هو بطل (الميديا) عالميًا خلال الشهورِ الأربعِ الماضية على أقلِّ تقدير… والمتابعُ للأخبارِ العالمية يُدركُ ما أقول…
5- تحمّل للمسؤولية:
وجود القيادة العليا يعني أن الدولة ملتزمة التزامًا مباشرًا بما تم الاتفاق عليه، وليس مجرد اتفاق تقنيٍّ بين جهتين.
حضور القادة في توقيع الاتفاقيات يُضفي على الحدث طابعًا رسميًا ومصيريًا، ويجعل الاتفاقية تحمل وزنًا سياسيًا ومعنويًا كبيرًا…
الدول تنفذُ البروتوكول في الحالاتِ العادية، وتكسرُ البروتوكول عندما يكونُ في ذلكَ مصالحُ عليا، تخدمُ التوجهُ السياسيَّ والاقتصادي… وجلسة التوقيع اليوم (ضربة معلم) بروتوكوليًا وسياسيًا…
إضافة:
تفاصيل كثيرة تدلِّل بأن ما يحدث في القصرِ الرئاسي السوري اعتبارًا من اليومِ لم يعدْ فيهِ شيءٌ اعتباطي، فالرسائلُ فيهِ عميقة، والخطُّ في اتزانهِ تصاعدي.