بلال الخلف – تفاصيل برس
في زمن تتقاذفه الخطابات الطائفية وتعلو فيه الأصوات الانفعالية، يغيب الإنصاف في توصيف المكونات السورية ومواقفها. ويُصاب الوعي العام بالتشويش حين يُختزل مكونٌ بأكمله في موقف فردي أو خطاب شاذ، وهنا تبرز الحاجة للحديث بميزان العقل والعدالة.
الدروز مكون سوري أصيل، يمتد وجوده في الجغرافيا والتاريخ، وله بصمته في الهوية الوطنية والثقافية لسوريا، شأنهم في ذلك شأن باقي السوريين فيهم من اختار طريق الوطن، ومن ضل طريقه في دروب الانعزال أو الارتهان لأجندات الخارج، هذا واقع لا يُمكن إنكاره، ولا يخص طائفة بعينها.
ومع بروز بعض الأصوات التي تدعو للانفصال أو تشدّ بأواصرها نحو مشاريع غريبة عن السياق الوطني، يبرز أيضاً رجالٌ شرفاء من أبناء السويداء وقفوا موقف العز حين عزّ الموقف، وآثروا الانتماء إلى سوريا الثورة لا سوريا التقسيم.
من هؤلاء الشيخ ليث البلعوس، نجل الشيخ الشهيد وحيد البلعوس، الذي دفع حياته ثمناً لمواقفه الرافضة للاستبداد. وهو اليوم يسير على درب والده، في وضوحٍ لا لبس فيه، واضعاً مصلحة مجتمعه ووطنه فوق كل اعتبار.
إلى جانبه، يبرز اسم الشيخ سليمان عبد الباقي، أحد أوائل من انضموا إلى صفوف الثورة السورية، بجرأة ومسؤولية، لم تغرّه الحسابات الفئوية الضيقة ولا صفقات السياسة العمياء، ومعهما أيضاً الشيخ الحناوي والشيخ الجربوع، وغيرهم كثير من أبناء جبل العرب الذين أثبتوا أن للسويداء جذورًا ضاربة في الوطنية، وأن صوتها لا يُختزل بخطاب إعلامي عابر.
نعم ننتقد بشدة من يتخلى عن الثوابت الوطنية، أياً يكن لكن في الوقت ذاته، من واجبنا إنزال هؤلاء الرجال منازلهم، فهم ليسوا فقط جزءاً من معادلة المرحلة، بل ركيزة من ركائز الصمود الوطني.
في النهاية، لا تُبنى الأوطان بالمزايدات ولا تُرمم بالشتائم، بل تحتاج إلى عقول منصفة، وقلوب تعرف كيف تفرق بين الموقف والخطاب، وبين المكون والفرد.
وسوريا، التي حلمنا بها منذ اليوم الأول للثورة، لا تُبنى إلا بجميع أبنائها… لا بإقصاء أحد ولا بتقديس أحد، بل بميزان الحق والعدل.