أُحدِثَت محكمة قضايا الإرهاب بموجب القانون 22 لعام 2012 بغرض تطبيق أحكام قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012. وتُعتبر المحكمة منحازة سياسياً وموجهة للقصاص من معارضي النظام، وتعميم صفة الإرهاب عليهم، ما يجيز للمحكمة مصادرة أملاكهم.
ومقر المحكمة في دمشق وتتألف من 3 قضاة، يتم تسميتهم بمرسوم، كما أجاز القانون عند الضرورة إحداث أكثر من غرفة في المحكمة، بقرار من مجلس القضاء الأعلى. وتمت إعادة هيكلية المحكمة، عدة مرات، عبر المراسيم 255 لعام 2018، و117 لعام 2019، و69 لعام 2020، التي أضافت تعديلات على غرف المحكمة وتعيينات القضاة فيها.
ولم يحدد القانونان 22/2012 و19/2012، مدد وإجراءات التقاضي، بل نصت المادة السابعة من القانون 22 على أن محكمة الإرهاب لا تتقيد بالأصول المنصوص عليها في التشريعات التي تطبقها المحاكم العادية. وبالتالي يعود تطبيق هذه الإجراءات والأصول لتقدير محكمة قضايا الإرهاب، ما يخالف أبسط مبادئ المحاكمة العادلة للأشخاص. كما يناقض ذلك المادة 51 من دستور 2012، القائلة بأن حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون.
وتحاكم المحكمة المدنيين والعسكريين والأحداث، على حد سواء، بما يتعارض مع قواعد الاختصاص القضائي. ويعيَّن قضاة المحكمة من قبل رئيس الجمهورية، وهو ما يعتبر انتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات.
مصادرة الممتلكات والأموال
المادة 12 من قانون مكافحة الارهاب 19/2012 نصت صراحة على أنه في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، تحكم المحكمة بحكم الإدانة، بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة. وبذلك أضفى القانون 19 صفة العموم والشمول لجميع الجرائم، وبالتالي ما يصدر من عقوبات بحق المحكومين بقضايا إرهاب مزعومة، هو مصادرة الأملاك المنقولة وغير المنقولة العائدة لهم. أما قبل صدور الحكم فيكون الإجراء المتخذ بحق المتهم هو تجميد أمواله.
وبالتالي فإذا صدر الحكم بالبراءة يفترض إلغاء عملية تجميد الأموال، أما إذا صدر الحكم بالإدانة فينقلب تجميد الأموال إلى مصادرة. ومصطلح تجميد الاموال السابق على المصادرة، لا يختلف مضموناً عن الحجز الاحتياطي الذي ينقلب إلى حجز تنفيذي بموجب حكم قضائي مبرم.
والمصادرة تحتاج إلى حكم قضائي وفقاً للدساتير السورية المتعاقبة. وسبق أن فُرِضَت المصادرة بموجب المرسوم التشريعي رقم 23 لعام 1965، والمرسوم التشريعي رقم 29 لعام 1969، لمن يتهم بعرقلة عملية التحوّل الاشتراكي. إلا أن الأملاك المصادرة بموجب المرسومين، لم تنقل لملكية الدولة، رغم تأجيرها واستثمارها من قبل دائرة الأموال المصادرة في وزارة المالية.
الجديد بحسب القانون 19 لعام 2012 أن المصادرة هي الحرمان الدائم من الأموال المنقولة وغير المنقولة وانتقال ملكيتها للدولة بموجب حكم قضائي. وبعد صدور القانون 19/2012، توسع نطاق المصادرات إلى حدود غير مسبوقة، ما دفع وزارة المالية لإحداث مديرية الأموال المصادرة، بدلاً من دائرة الأموال المصادرة. والمديرية أوسع من الدائرة وتتبع لها دوائر متعددة.
آلية مصادرة الممتلكات
في الأصل، وبعد صدور حكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية عن محكمة الارهاب، متضمناً مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للمحكوم عليه، يجب أن تقوم وزارة العدل بإحالة نسخة عن الحكم إلى وزارة المالية لتنفيذ فقرة المصادرة للأموال المنقولة، وإحالة نسخة إلى وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي فيما يتعلق بمصادرة الأموال غير المنقولة. إذ تعتبر وزارة الزراعة صاحبة الولاية على الأموال غير المنقولة المُصادرة، بموجب أحكام قانون أملاك الدولة رقم 252 لعام 1959.
لكن ما يجري في الواقع هو أن وزارة المالية تقوم بتنفيذ تدبير المصادرة للأموال المنقولة وغير المنقولة، متذرعة بأن الأمر العرفي رقم 4562 الصادر في 26 أيلول 2010، قد أعطى وزارة المالية ومديرياتها في المحافظات عملية إدارة واستثمار الأموال المصادرة. كما جرى تكليف الوزارة بذلك، بموجب كتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 9310 في 4 حزيران 2015. والقرار العرفي هو القرار الصادر في حالة الحرب، والذي يؤدي إلى تعطيل القوانين العادية والدستور، والانتقاص من الحقوق والحريات الفردية. ويصدر القرار العرفي عن السلطة التنفيذية التي يمثلها الحاكم العرفي، لا عن السلطة التشريعية ولا القضائية.
واستكمالا لمهام المصادرة تقوم وزارة المالية ومن خلال مديرية الأموال المصادرة، بتعميم الحكم القضائي القاضي بالمصادرة على الجهات العامة، لتزويدها بما لديها من بيانات. وعلى سبيل المثال، إذا كان للمتهم المحكوم عقارات، سيقوم السجل العقاري بارسال لائحة بأرقام المحاضر إلى مديرية المالية في المحافظة التي يقع فيها العقار. مديرية المالية تقوم بعدها بجرد للأموال المصادرة، لتعمل مع مديرية المصالح العقارية على نقل ملكية العقارات إلى الدولة. وبعد نقل وتسجيل ملكية الأموال غير المنقولة المصادرة بحكم قضائي لاسم الدولة، تتم إدارتها من قبل وزارة المالية عبر مديرية الأموال المصادرة في الوزارة ودوائرها الفرعية في المحافظات.
الاستئناف والطعن
خالفت المادتين الخامسة والسادسة من القانون 22/2012 ما جرى عليه العمل وفق الأصول الإجرائية في القضاء العادي، إذ أكدتا أن محكمة الإرهاب تصدر أحكاماً غيابية بدرجة قطعية ومبرمة، لا تقبل أي نوع من أنواع الاستئناف أو إعادة المحاكمة أو الإلغاء والإسقاط لتلك الأحكام.
وأجاز القانون فقط الطعن أمام دائرة خاصة، تُشكّل بموجب مرسوم في محكمة النقض. وبالتالي فالأحكام الصادرة عن محكمة الإرهاب، لا تقبل الطعن الموضوعي، أي لا تعيد النظر في موضوع الدعوى، لأن الدائرة الخاصة بالطعن المشكلة في محكمة النقض، هي محكمة قانون فقط تنظر فقط في مدى صحة تطبيق محكمة الإرهاب لقانون الإرهاب 19/2012.
للاطلاع على المادة من المصدر: (ما مصير أملاك المتهمين بالإرهاب في سوريا؟)