“التخاذل الدولي وتآمر القوى”.. من المسؤول عن إزاحة الثورة السورية عن الأضواء؟
شهدت الثورة السورية منذ انطلاقتها في 2011 موجات من الأمل والتحديات، وكانت رمزًا لرغبة الشعب السوري في نيل الحرية والكرامة بعد عقود من الاستبداد. لكن، مع مرور الوقت، انزاح الاهتمام الدولي والإعلامي عن الثورة بشكل كبير، مما أثار تساؤلات حول الأسباب والمسؤولين عن ذلك. من الواضح أن هذا التراجع لا يخدم الثورة السورية، بل يخدم نظام الأسد وحلفاءه الذين استفادوا من هذا التراجع لتحقيق مكاسب على الأرض.
أحد الأسباب الرئيسية لهذا الانزياح هو التخاذل الدولي. المجتمع الدولي، وخاصة الدول الكبرى، أبدى منذ البداية مواقف مترددة ومتذبذبة تجاه الثورة السورية. بدلاً من تقديم دعم حقيقي لقضية الشعب السوري، فضلوا المواقف الدبلوماسية الباردة التي لم تثمر عن أي حل جذري. هذه المواقف شجعت النظام السوري على الاستمرار في قمعه الوحشي وفتحت الباب أمام التدخلات الإقليمية التي زادت الوضع تعقيدًا.
ثانيًا، التدخلات الأجنبية ساهمت بشكل كبير في إزاحة الثورة عن مسارها الأصلي. تدخل إيران وروسيا بشكل مباشر إلى جانب نظام الأسد غيّر موازين القوى على الأرض. بدلاً من أن تكون ثورة سلمية تطالب بالتغيير الديمقراطي، أصبحت ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية، وهو ما استغلته الأطراف المعادية للثورة لإضعافها وتشويه صورتها.
إلى جانب ذلك، الإرهاق الإعلامي والسياسي الدولي تجاه الثورة السورية يعكس فشلًا أخلاقيًا كبيرًا. بعد سنوات من التغطية المكثفة، يبدو أن وسائل الإعلام العالمية قد بدأت تتجاهل القضية السورية، مبررة ذلك بتكرار المشاهد المأساوية.
مقال مشابه للكاتب: إدلب.. تصعيد عسكري يُنذر بـ “حمام دم وموجات نزوح كبيرة”
هذا التراجع الإعلامي لم يحدث بسبب تحقيق العدالة للشعب السوري، بل جاء كنتيجة لتشبع المجتمع الدولي من مأساة لم يكن يرغب في التدخل لحلها.
وبذلك، أصبحنا نلاحظ أن الملف السوري يتراجع ليكون في ذيل اهتمامات وسائل الإعلام العربية والدولية، وتحول إلى ملف ثانوي. فمن منا بات يشاهد على شاشات الأخبار تقارير عن القصف المستمر في مناطق شمال غربي سوريا؟ هذه التقارير أصبحت مقتصرة بشكل كبير على الوكالات الإعلامية المحلية، التي تواصل نقل معاناة السوريين بعيدًا عن دائرة الاهتمام العالمي.
ورغم كل هذه العوامل، تبقى الثورة السورية مشروعة، وتمثل طموحات شعب يطالب بحقوقه الأساسية. ومع كل محاولات إضعافها أو إزاحتها عن الأجندة الدولية، فإن إرادة الشعب السوري في الحرية لن تتلاشى والمسؤولية الآن تقع على عاتق أصدقاء الثورة وداعميها لإعادة تسليط الضوء على القضية السورية والعمل على تحقيق العدالة لشعب عانى كثيرًا ولا يزال يناضل من أجل حريته وكرامته.