مريم الإبراهيم – تفاصيل برس
“محمد عمر كعكة” يعتبر مثالًا للتضحية والإصرار في الثورة السورية، شارك في تنظيم التظاهرات ونداءات الحشد عبر تنسيقية الثورة، وهو أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة في دمشق وريفها.
تولى مسؤولية الإغاثة الطبية، كما عمل على إدخال الأطباء والأدوية إلى المناطق المحاصرة، لكن اعتقاله كان أصعب ما مر في حياته، حيث تعرض خلالها لأبشع أنواع التعذيب على يد قوات النظام السوري.
وعلى الرغم من المعاناة التي مر بها، لم يفقد الأمل في الدفاع عن قضية المعتقلين السوريين، وهو اليوم ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان.
تفاصيل برس يلتقي بـ محمد عمر كعكة، وهو من مواليد دمشق – الصالحية لتسليط الضوء على مسيرته وأعماله:
ما هي أهم محطاتك التعليمية والمهنية؟ وكيف أثرت هذه المحطات على مسيرتك الحالية؟
احمل شهادة الثانوية و دبلوم علوم سياسية و كنت أعمل في تجارة العطور و التحقت بالثورة منذ بداياتها وكنت أحد أعضاء تنسيقية الثورة السورية على فيسبوك التي دعت للتظاهر منذ اليوم الأول للثورة، وكنا نخرج ملثمين في دمشق بتظاهرات سوق الحميدية وأمام وزارة الداخلية، وبعد ستة أشهر من بداية الثورة ولما أشتد قتل النظام للمتظاهرين أسسنا مجلس قيادة الثورة في دمشق وريفها وكنت مسؤول الإغاثة الطبية وإدخال الأطباء والمستشفيات الميدانية والدواء لمعظم المناطق المحاصرة حتى الشهر التاسع من عام 2012 حيث تم اعتقالي بكمين في بوابة الصالحية بدمشق.
“ضيفنا الأستاذ محمد عمر كعكة، انخرط بالحراك الثوري منذ البدايات، ومع تصاعد القمع بعد ستة أشهر، أسس مجلس قيادة الثورة بدمشق وريفها، وتولى مسؤولية الإغاثة الطبية، حيث كان يُدخل الأطباء والمعدات الطبية للمناطق المحاصرة، استمر في هذا النشاط الإنساني حتى سبتمبر 2012، عندما اعتُقل في كمين محكم في بوابة الصالحية”.
– متى اُعتقلت؟ وما هي ظروفه، وكيف تم الإفراج عنك؟
جرى اعتقالي في الشهر التاسع عام 2012 من بوابة الصالحية بكمين على أنهم من مدينة درعا وهم بحاجة للأدوية المزمنة وحليب الأطفال لكنهم كانوا مجموعتين من المخابرات الجوية وقبل الذهاب بي لمطار المزة العسكر ، طبعاً بطريقة الخطف وذهبوا بي إلى مزرعة في بساتين داريا وقالوا إنهم ثوار ويريدون أن يتواصلوا مع مجلس قيادة الثورة لكني أنكرت أي علاقة لي بالثورة.
وعندها بدأ مسلسل التعذيب ولم اعترف بشيء ذهبوا بي إلى المطار وبعدها إلى قسم الدراسات لمدة أسبوعين وبعدها 50 يوماً في المهاجع الجماعية وكان فيها التعذيب جماعي عبارة عن دولاب بماسورة بلاستك التي تستعمل في التمديدات الصحية وبعدها تم نقلي إلى مبنى التحقيق الجديد إلى الزنازين وبقيت فيها 222 يوماً وتعرضت لكل أنواع التعذيب التي لا تخطر على بال البشر وشهدت استشهاد العشرات من رفاق الزنزانة تحت التعذيب، ولكن الله لم يكتب لي الشهادة رغم توقف عضلة القلب مرتين ولكن كان يتم إنقاذي لكي اعترف لهم بأسماء قيادات الثورة وأماكن سكنهم وكان المسؤول عن التحقيق معي هو العقيد سهيل الحسن الملقب بالنمر.
عندما تم نقله إلى حلب استلم بعده مقدم طلبني لمكتبه وأطلعني على تقرير سهيل الحسن الذي طلب لي عقوبة الإعدام فقلت له إني بريء، وتم اعتقالي وأنا أشتري دواء لوالدي وحليب لأبني فطلب مني أن أكتب وأعترف على نفسي بتجارة السلاح وحولني إلى محكمة الإرهاب وهناك أنكرت أقوالي وتم الأفراج عني وبعدها بثلاثة أشهر عادت المخابرات الجوية تبحث عني وأصدروا مذكرة اعتقال لجميع الأفرع الأمنية تحت بند حيّ أو ميت فهربت عبر الجبال إلى لبنان لتبدأ بعدها الملاحقات من النظام وحزب الله في لبنان حتى استطاعت الخارجية النمساوية إخراجي من لبنان.
– ما الذي دفعك للتخصص في قضية المعتقلين السوريين؟ وهل كان هناك حدث أو موقف معين أثّر في مسارك؟
طبعاً تجربة الاعتقال والتعذيب الذي تعرضنا له أنا وزملائي المعتقلين وأكثر شيء أثّر فيَّ هو اعتقال مدنيين شيوخ ونساء وأطفال لا ذنب لهم بشيء والشهداء تحت التعذيب بالإضافة أننا أحصينا حوالي مئة ألف معتقل في مطار المزة العسكري فقط فما بالك بباقي الأفرع الأمنية.
لذلك عندما نجوت من بين إيديهم بقدرة الله أخذت العهد على نفسي أن أكون صوت إخوتي المعتقلين في المحافل الدولية ولن يهنأ لي بال حتى إطلاق سراح جميع المعتقلين ومحاسبة المجرمين من أي جهة كانوا.
– ما هي الأهداف الأساسية التي تسعى لتحقيقها في عملك ضمن ملف المعتقلين؟
إطلاق سراح المعتقلين ومحاسبة المسؤولين عن جريمة التغييب القسري أمام المحاكم الدولية.
كيف تصف لنا التحديات التي تواجهها في تسليط الضوء على قضية المعتقلين السوريين على المستوى الدولي، خاصةً في مدينة مثل فيينا؟
أهم التحديات هي وجود أوكار الإرهاب وهي سفارات روسيا وايران والنظام السوري فقد تعرضت لمحاولتي اغتيال عام 2018 على يد الروس والثانية عام 2022 على يد الإيرانيين والنظام.
– هل هناك تعاون بينك وبين جهات دولية أو منظمات حقوقية أخرى؟ وكيف يساهم هذا التعاون في تحقيق أهدافك؟
طبعاً أولاً قدمنا دعوى للنائب العام في محكمة الجنايات الدولية، ووقعنا مذكرة تفاهم مع الآلية المستقلة المحايدة لمحاسبة نظام الأسد على الجرائم المرتكبة بسوريا منذ آذار 2011، وتواصلنا مع الرئاسة الفرنسية وأرسل لنا الرئيس ماكرون تعهداً بمحاسبة نظام الأسد أمام المحاكم المحلية والدولية وأنا عضو أيضاً بمنظمة العفو الدولية فرع فيينا، ولنا تواصل مع الخارجية البريطانية والخارجية الأمريكية وقد قدمنا شهادات معتقلين لهم ونرفع لهم التقارير بشكل دوري ونتواصل مع جميع اللجان الدولية التابعة للأمم المتحدة ونرسل لهم التقارير أيضاً ولا ندخر أي جهد بخصوص قضية المعتقلين على كافة المستويات القانونية والدولية.
– ما هي أبرز الإنجازات التي حققتها في سبيل دعم قضية المعتقلين؟ وهل هناك مشاريع معينة تعمل عليها حاليًا؟
طبعاً أهم إنجاز صدور قرار من مجلس حقوق الإنسان باعتبار قضية المعتقلين السوريين جريمة ضد الإنسانية وأنها لا تسقط بالتقادم و أنها مستمرة حتى يتم الإفراج عنهم و تسليم المسؤولين عن هذه الجريمة وبهذا القرار نضمن عدم إفلات بشار الأسد وشركائه في الإجرام من العقاب، واستطعنا أن نحصل على تعهد من عدة دول بمحاسبة المجرمين أياً كان شأنهم ولاحظتم مذكرة الاعتقال التي صدرت بحق بشار الأسد من القضاء الفرنسي، لدينا عدة مشاريع في الفترة القادمة أحدها مع محكمة الجنايات الدولية والباقي نفصح عنه في وقته.
– كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا أكثر فعالية في دعم قضية المعتقلين؟ وهل تعتقد أن المجتمع الدولي يؤدي واجبه بهذا الشأن؟
طبعاً المجتمع الدولي قادر ان يكون أكثر فعالية ولكن هناك حسابات سياسية تؤثر على قضيتنا الحقوقية ونعمل بكل طاقتنا على إخراج قضية المعتقلين من الحسابات السياسية الدولية وجعلها حقوقية بحتة ونتوجه دائماً للمجتمع الدولي ليطّلع بواجباته.
– ما هي الصعوبات التي تواجهكم في التوثيق وجمع المعلومات حول أوضاع المعتقلين؟
أكثر صعوبة هي تواجد أهل المعتقل في مناطق النظام فلا يتم توثيق المعتقل خوفاً من بطش النظام رغم اتخاذنا التدابير السرية لهذا الأمر لكن خوف الأهالي لا يزال يمنعهم مع نشرنا لروابط سرية وطالبنا الأهالي أن يمنحونا الثقة ويوثقوا معتقليهم لكي لا تضيع حقوقهم لكن للأسف ما زال العدد قليل.
– كيف تتعامل مع الأسر السورية التي تبحث عن أبنائها المعتقلين؟ وما هي نصيحتك لهم في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها؟
طبعاً نعلمهم يعملنا الحقوقي والطوعي و المجاني فالاتحاد لا يستقبل أي دعم من أي جهة دولية ولا محلية وليس لنا غاية إلا تحصيل الحقوق والسعي بكل ما أوتينا من قوة لإطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير الشهداء تحت التعذيب ومحاسبة سجانيهم، وأنصحهم أن يثقوا بالاتحاد ويتعاونوا معه على توثيق أبنائهم.
– كيف ترى مستقبل قضية المعتقلين؟ وما هي التطلعات التي تأمل بتحقيقها في السنوات القادمة؟
قضية المعتقلين قضية محقة و مظلومية بائنة و ستنتصر ، أتطلع لاستصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع يقضي بإطلاق سراح كافة المعتقلين.
– كيف تصف الثورة السورية بعد كل هذه السنوات من النضال والصمود؟ وكيف ترى تأثيرها على المعتقلين الذين دفعوا ثمنًا باهظًا في سبيل حرية وطنهم؟
الثورة السورية أشرف وأنقى وأحق ثورة على مرّ التاريخ وستنتصر لا محالة على يد الثوار الحقيقيين الشرفاء وأرى يوم النصر قريباً جداً، عندما كنت في المعتقل لم أسمع من أي معتقل أنه تذمر من الثورة ولهذا حقهم علينا أن ننصرهم و نبذل الغالي والنفيس لتحريرهم.
-أخيراً هل هناك رسالة توجهها للمجتمع الدولي، أو حتى للشعب السوري، فيما يتعلق بقضية المعتقلين؟
للمجتمع الدولي أقول أنتم من وضعتم القانون الدولي واتفاقية روما ويجب عليكم تنفيذ القانون ومحاسبة المجرمين وأولهم بشار الأسد لكي لا يصبح انتهاك القانون الدولي سهل على هؤلاء المجرمين، وللشعب السوري أهلي وناسي دعونا نتحد ونلفظ المتسلقين والعملاء من بيننا و لنكن جميعنا على قلب رجل واحد لكي يكتب الله لنا النصر ولكي لا نفرط بعذابات المعتقلين ودم الشهداء.