تفاصيل برس – رزق العبي (خاص)
بات الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، على بعد أيام من مراسم تنصيبه رسميّاً، رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية لـ 4 سنوات قادمة.
مرحلة جديدة، ربما تكون حُبلى بالتطورات والمفاجئات، ولعل أكثر ما يشغل بال السوريين، هو إدارة بايدن وفريقه للملف السوري، المفتوح منذ ما يقارب الـ 10 سنوات، والمتخم بالمآسي والآلام على ملايين السوريين في الداخل وفي دول اللجوء.
ولم يشغل الملف السوري “حيّزاً كبيراً” يوازي ثِقل أزمة السوريين المتفاقمة، في حملة الرئيس بايدن للوصول إلى سدّة البيت الأبيض، فإن الكثير من الساسة لا يمكنهم التكهّن بسياسته تجاه سوريا. فهل سيكمل ما فتحه أسلافه السابقون، أم أنّ وجهاً جديداً سيرسمه بايدن في الملف السوري؟.
هذه الأسئلة وغيرها، تطرّقنا لها في لقاء خاص مع السياسية والأكاديمية السورية ورئيسة الحزب الجمهوري السوري، مرح البقاعي.
بداية.. كيف تقرأين ما حدث مؤخراً في الولايات المتحدة من أعمال شغب على خلفية نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي فاز فيها “جو بايدن”؟
الحريات الدينية وحق العبادات مصونة دستورياً لكل الشعب الأميركي. وفي وزارة الخارجية الأميركية قسم خاص ووازن لدعم الحريات الدينية.
أما التطرف الديني فهو لا دين له (إن صح التعبير)، وهو غلو يّحسب على من يستغل الأفكار العقائدية لمصالح سياسية أو شخصية منفعية ضيقة، وهنا القول الفيصل بين الحرية من جهة والانتهازية الدينية من جهة ثانية.
التحقيقات جارية في الولايات المتحدة لتحديد كافة الهويات للمجموعات التي هاجمت مبنى الكابيتول وهو بيت الشعب الأميركي كله، وصوته.
علينا أن نتريّث في الأحكام.
في النهاية الاعتدال هو من سينتصر سواء كان من طرف الديمقراطيين أو الجمهوريين. التطرف عمره قصير وكذا الغلو في الحياة والدين.
عموماً دولة المؤسسات العظيمة، الولايات المتحدة، قادرة على تصحيح المسار والعودة إلى التوازن السياسي لأنها تتّبع في مؤسساتها مبدأين أساسين هما: Check & Balance و Responsibility & Accountability أي المتابعة وإعادة التوازن، ثم المسؤولية والمساءلة.
لننتقل إلى الملف السوري.. كيف يمكن أن نقرأ وصول الديمقراطيين إلى السلطة، بعد 4 سنوات فقط من إدارة البيت الأبيض من قبل الجمهوري “ترامب” وهل هذا الوصول سيؤثر سلباً أم إيجاباً على الملف السوري؟
طبعاً رأينا أن كان هناك تنافس محتدم بين المرشحين، ترامب وبايدن، عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وكلنا نعرف ماذا حصل من تداعيات انتخابات، واتهام ترامب متواصل بأن الانتخابات تم تزوريها وأنّ الفرق الضئيل بينه وبين بايدن هو أمر يتطلب العودة إليه وإعادة النظر فيه.
لكن في النهاية طبعاً، هناك أرقام معينة، وهذه هي الديموقراطية لو كان الفرق قليل بينهم لا يتجاوز الـ 4 ملايين صوت فهذا يعني أن الديمقراطية تنتصر. لأنه رغم هذا الفارق الضئيل من وصل لأصوات أكثر (أتحدث عن الأصوات الشعبية طبعاً) هو من يتولى الحكم.
خسر الجمهوريون لأن ترامب، للأسف في بداية الحملة الانتخابية كان يشكك، ولم يشجع أنصاره وناخبينه أن ينتخبوه عبر البريد الإلكتروني، فيما بايدن شجّع أنصاره على ذلك منذ البدايات، وجمع أصوات هائلة من خلال ذلك، بينما خسر ترامب في ذلك.
أيضاً “كوفيد -19”. هذا الوباء أثّر كثيراً على ترامب، من خلال تعاطيه الشخصي مع مكافحة هذا الوباء، تدخل في أمور طبية مهنية بحتة، وسيّس بعضها، كان من المفروض أن يعالج الأمر بطريقة أفضل. أن يقف جانباً ويترك لفريقه الطبي والمهني والصحي أن يدير حملة مكافحة الوباء.
طبعاً قبل ظهور الوباء كان مشرحاً ترامب أن يفوز بشكل كبير جدّاً، لكن حدث هذا الوباء، وإدارة حملة مكافحة الوباء كانت غير جيدة فانتشر الوباء بشكل هائل في الولايات المتحدة. فأثر ذلك على فوزه بالانتخابات.
ماذا تأملون من إدارة الرئيس الجديد “جو بايدن” بما يخصّ الملف السوري؟
الملف السوري فيه ثوابت لا تتعلق فقط بالولايات المتحدة الأمريكية، تتعلق بكل الدول الفاعلة والمتدخلة في القضية السورية، وتتعلق بقرارات الأمم المتحدة.
نحن نعرف أن الولايات المتحدة في عهدي ترامب وأوباما، كانت تقف ولو بدرجات متفاوتة مع المعارضة السورية.
إدارة أوباما كانت سيئة من جهة كون الرئيس أوباما لم يكن جديّاً وجاداً في إسقاط النظام، كانت لديه فرصة كبيرة جدّاً في عام 2013 لإسقاط لنظام ولم يفعل، إدارة ترامب جاءت وحملت إرثاً ليس جيداً في الملف السوري. وحاول ترامب أن يتعامل مع النظام السوري والمعارضة، لجهة دعم المعارضة ودعم مؤسساتها ودعم انتقال سياسي تحت مظلّة القرار 2254.
بالنسبة للنظام، كان توجه ترامب محدداً في التوجه لحلفاء النظام عسكرياً، عن طريق ضربه المتواصل لمواقع الميليشيات الإيرانية في سوريا، وهذا يساعد جداً في إضعاف النظام، فيما اقتصر تعامله مع النظام على العقوبات الاقتصادية على أطراف النظام وكل من تلطخت يداه بالفساد المالي أو السياسي أو بدماء الشعب السوري.
ننتظر إدارة بايدن أن تصحح أخطاء أوباما، وأن تتابع في تحجيم وتقويض الوجود الإيراني في سوريا، وأن تسهم في بشكل سريع في عملية الانتقال السياسي قبل أن تحدث الانتخابات الرئاسية في سوريا وألّا تسمح أصلاً بحدوث هذه الانتخابات في ظلّ غياب الانتقال السياسي تحت مظلة مواد 2254 كاملة.
ولكن هل تتوقعين أن يتأخر “بايدن” في التعامل الجديّ مع الملف السوري على حساب ملفات أخرى؟
لا أعتقد أن الرئيس بايدن سيتأخر عن معالجة القرارات في السياسة الخارجية التي يجب تتخذ بسرعة في سوريا في اليمن في العراق في لبنان.. هذه أولوية في السياسية الخارجية الأمريكية، ووزير الخارجية الجديد “أنتولي بلينكن” هو شخص قدير ومخضرم جدًا في السياسة الخارجية لو أنه يختلف طبعاً منهجياً عن نهج سلفه “بومبيو” في السياسة الخارجية، لكن هو مخضرم وقادر على إدارة تلك الملفات المعقدة.
ينتظر منه أن يديرها بسرعة بشكل يتحقق ما تصبو إليه الولايات المتحدة من تحقيق الاستقرار، ولكن لا أقصد في منطقة الشرق الأوسط، ولكن ليس على حساب الشعوب هناك. وبالأخص فيما يتعلق بالقضية السورية.
نحن ننتظر أن يمنعوا منعاً باتاً حدوث انتخابات رئاسية ضمن الوضع الحالي الرهن، وأن يدفعوا باتجاه القرار 2254 كاملاً بما فيه اللجنة الدستورية التي هي جزء من هذا القرار.
وماذا عن الملف الإيراني؟
مطلوب من إدارة الرئيس “جو بايدن” الآن، ألا تتأخر أبداً في معالجة الملف الإيراني، ولكن بصيغة مختلفة تماماً عمّا تمت معالجته حين كان “بايدن” نائباً لـ “أوباما”، ووصلوا إلى اتفاق “فيينا” في العام 2015 الذي انسحب منه “ترامب” في العام 2018.
الآن مطلوب اتفاق نووي جديد متقدم، يضمّ دول التعاون الخليجي، وهي الدول المعنية أيضاً بالاستقرار والسلام وأمن واستقرار بلادها في هذا الاتفاق أو أي اتفاق يعقد في المستقبل، لأنها دول متضررة بشكل مباشر من إيران ولاسيما المملكة العربية السعودية.
طبعاً إيران تستخدم الميليشيات العابرة للحدود التي تموّلها، ولاسيما ميليشيات أنصار الحوثيين، التي اعتبرتها واشنطن مجموعة إرهابية، قبل يوم واحد، من خروج “ترامب” من الحكم، أي أن القرار صدر وسيدخل في التنفيذ في 19 يناير الجاري، بأن الحوثيين هي مجموعة إرهابية، لذلك نحن نريد من إدارة “بايدن” أن تعالج الوضع الإيراني لأن في معالجته معالجة كل استقرار الشرق وكل أمن الشرق الأوسط، وأيضاً هذا يؤثر بشكل غير مباشر على الأمن القومي الأمريكي.
قانون قيصر..
تكشف “البقاعي” في حديثها لـ تفاصيل برس” عن “قيصر2” يجري التحضير لإقراره، في حال لم يرتدع النظام السوري..
تقول: يعتبر قانون قيصر، وهو قانون أمريكي نافذ، بمعنى أنه يُنفذ ضمن سلسلة قوانين أمريكية، ولا يمكن التهرب منه، هو قانون متقدم جدّاً في تطبيق عقوبات رادعة على النظام السوري وأفراده، ممن انغمسوا في التعاون والتعامل مع الميليشيات التي استقطبوها من كلّ مكان من أجل إقامة حرب شعواء على الشعب السوري، وقتل المدنيين، مما أدى إلى تهجير نصف سكان سوريا، وهناك معتقلين بمئات الألوف ومختفين أيضاً، ومهجرين بأعداد هائلة، في كارثة إنسانية لم يشهدها التاريخ المعاصر من قبل من التهجير القسري وموجات اللجوء والقتل والتدمير للمدن والحجر والبشر.
يجري الآن العمل على مشروع قيصر2، وهو أيضاً مشروع لتطبيق متقدم للعقوبات على النظام السوري، إذا لم يرتدع بشكل سريع ويمتثل للقرارات الدولية، نحن في مرحلة استحقاقات سياسية، لن نستطيع أن نمرر في هذه الفوضى الحادثة في كل مكان في العالم، وفي ظلّ غياب إرادة دولية لقمع النظام، وإجباره بضغوط مختلفة للدخول في العملية السياسية والانتقال السياسي حسب قرارات الأمم المتحدة، في هذا الجو لا نستطيع أن نجازف وندع النظام يشتري الوقت. حتى نصل إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية، وتكون محصلة أو تفرض فرضاً على الشعب السوري، لأن الزمن سرق كل الاحتمالات الأخرى.
ما هو المطلوب من “بايدن” وهو على بعد أيام من الوصول رسمياً إلى البيت الأبيض؟
“المطلوب من إدارة “بايدن” أن تسرّع في عملية انتقال سياسي، وفي دعم المعارضة السورية من أجل تحقيق هذه العملية بشكل عادل، وتحقيق العدالة الانتقالية التي بدونها لا يمكن أن يستتب أمن، وأمان، وأن يعود المهجرين إلى أرضهم. دون وجود قضاء عادل، يعاقب كل من ساهم في قتل المدنيين، وتوجيه البندقية إلى صدر السوريين على أرضهم وفي أماكن سُكناهم، وكل من تلوثت يداه بالفساد السياسي والتعامل مع الميليشيات الإرهابية، وأن يحالوا إلى القضاء ليأخذ كل شخص حقه في قضاء عادل ونزيه”.