بلال الخلف – تفاصيل برس
في قاعة تتسع لتاريخٍ عربي طويل، جلس الفراغ على المقاعد الأمامية لقادة الدول. قمة بغداد 2025، التي كانت تأمل أن تعيد العراق إلى قلب القرار العربي، خرجت بنتائج باهتة لم يكن أحد بحاجة لتأويلها: فقط ثمانية رؤساء عرب حضروا، في أدنى تمثيل رئاسي شهده العالم العربي خلال السنوات السبع الأخيرة.
رغم التنظيم الجيد والاستقبال الدافئ، بدت القاعة خالية من الزخم. فالمشهد الذي روجت له بغداد كعلامة على عودتها للبيت العربي، تحول تدريجيًا إلى مؤشر على عمق الأزمة السياسية والدبلوماسية التي تعيشها المنطقة… وربما العراق نفسه.
أرقام لا تُكذّب أحدًا
مقارنة بسيطة تُظهر حجم التراجع غير المسبوق:
قمة جدة 2023: 15 رئيس دولة
قمة الجزائر 2022: 17 رئيس دولة
قمة البحرين 2024: 14 رئيس دولة
قمة تونس 2019: 13 رئيس دولة
قمة الظهران – السعودية 2018: 16 رئيس دولة
قمة بغداد 2025: 8 رؤساء فقط
مشهد يفتح الباب واسعًا أمام التساؤلات: لماذا هذا العزوف؟ وما الرسائل الخفية خلف هذا الغياب الجماعي؟ وهل لا تزال العواصم العربية ترى في بغداد شريكًا فاعلًا أم مجرد ظلٍ سياسي لطهران؟
قاعة بلا رسائل
لم تُحدث الكلمات المكررة عن “التضامن” و”المصير المشترك” وقعها هذه المرة. لم تحمل القمة مبادرة جديدة، ولا إعلانًا يلفت الأنظار. كانت نسخةً أخرى من البيانات الختامية المعهودة، لكن بدون قادة يقرؤونها، أو شعوب تترقبها.
الحدث الذي راهنت عليه بغداد تحول إلى انعكاسٍ لمكانتها العربية المتراجعة. وبدل أن تُحسم العودة عبر القمة، طُرحت أسئلة أكبر حول استقلال القرار العراقي، وحدود تأثيره في محيط عربي يزداد تعقيدًا وانقسامًا.
العراق في المرآة العربية
رغم محاولات الإعلام الرسمي تقديم صورة إيجابية، إلا أن الرسالة كانت أوضح من أن تُخفيها عدسات الكاميرات: الدول لا تُقاس بنيّاتها الحسنة، بل بمواقفها السيادية. والزعماء العرب، على ما يبدو، لم يجدوا في بغداد ما يكفي من الثقة السياسية ليشغلوا مقاعدهم.
فهل هي مجرد ظروف طارئة، أم أن العراق بات يواجه عزلة دبلوماسية مقلقة؟ أم أن السؤال الحقيقي هو: متى يعود العراق إلى نفسه، قبل أن يطالب بمقعد في الصفوف الأولى؟