عبدالرحمن رياض (مقال رأي) – تفاصيل برس
في أعقاب المعارك التي أفضت إلى تحرير دمشق عسكرياً، واستكمال تحرير المساحات الواسعة عبر أدوات دبلوماسية محسوبة، يواصل الرئيس الشرع في قصر “دولما بهشته” وضع قواعد جديدة لمستقبل شرق وجنوب سوريا. يتحرك بحذر واحترافية على حدود المناطق المستعادة، واضعاً نصب عينيه إعادة صياغة الجغرافيا السياسية بالتعاون الوثيق مع الجانب التركي، وبقيادة من عرّاب طاولة الأناضول المستديرة.
الخطوة الكبرى التي يتطلع إليها الرئيس الشرع تتمثل في إنهاء ملف “قسد” بشكل نهائي، ووقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، على الأقل لعقد قادم. هذه الرؤية لا تكتمل دون انتزاع موافقات ضمنية أو مباشرة من اللاعبين الدوليين الكبار، في مقدمتهم الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الدعم السياسي من دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
سوريا اليوم تقف على أعتاب مرحلة جديدة عنوانها “معارك البناء بعد الحرب”، حيث باتت تمثل أرضاً واعدة للاستثمار الدولي، تنظر إليها العديد من الدول كفرصة القرن لوضع بصماتها في مشهد إعادة الإعمار، وتحقيق عوائد مغرية ضمن دورات اقتصادية قصيرة تعزز انتعاش اقتصاداتها.
في عالم الاستثمار، الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي هو الشرط الأول، وهذا ما تسعى إليه الإدارة السورية الجديدة من خلال بناء حوامل محلية مدعومة في المناطق المحررة، وخاصة إدلب، عبر التنسيق مع المحافظات والوزارات المعنية لتأمين بيئة جاذبة للشركات التي ترتكز على تنمية الإنتاجية كأولوية.
على تلك الطاولة المستديرة، لا يملك الرئيس الشرع ترف الانتظار أو إضاعة الوقت، بل يتحرك بمرونة بين مختلف الخيارات المتاحة لتحقيق الهدف الأسمى: تثبيت الاستقرار الداخلي بكل أشكاله، وتهيئة الأرض السورية لانطلاقة جديدة نحو مستقبل مختلف.