دمشق (إبراهيم مخلص الجهني) – تفاصيل برس
في أسواق دمشق القديمة، وبين عبق رائحة معمول العيد ومذاق الفستق، لم تعد الحلويات تملأ الرفوف كما كانت، تغيرت الكمية التي تشترى، وتغيرت معها تعابير الوجوه التي تغادر المحال، من فرح إلى حيرة.
ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يستعد السوريون لاستقباله بأطباق المعمول والبقلاوة والغريبة، وقد خفت حدة الأسعار بعد سقوط نظام الأسد، إلا أن غياب التغير في الرواتب أبقى هذه الطقوس حلماً بعيد المنال، حتى لمن اعتادوا اعتبارها جزءاً لا يتجزأ من فرحة العيد.
في أحد المحال المتواضعة التي زارتها “تفاصيل برس”، تجد كيلو المعمول بالجوز بسعر 50 ألف ليرة سورية، في حين يباع المعمول بالتمر أو “اللبناني” بـ24 ألفاً، البتيفور وصل إلى 38 ألفاً، والغريبة إلى 34 ألفاً، أما قراص الحليب فبـ32 ألفاً، والبقلاوة ووربات الجوز وكعكة المالحة كلها تراوح حول 34 ألف ليرة، ورغم أن الأسعار تراجعت بنحو 20% مقارنة بالأعوام السابقة، إلا أن تأثيرها الفعلي ظل محدوداً على القدرة الشرائية.
الأسعار خيالية
في المقابل، تحولت محال الحلويات الراقية إلى ما يشبه صالات عرض للمجوهرات: المبرومة بـ275 ألف ليرة، البلورية 270 ألفاً، الكنافة بالفستق الحلبي بالسعر ذاته تقريباً، عش البلبل بـ190 ألفاً، كول وشكور بـ200 ألف، في حين بقي سعر زنود الست عند 34 ألفاً، بينما ارتفعت الملوكية إلى 75 ألفاً، والبقلاوة بالجوز إلى 90 ألفاً.
“صرنا نشتري بنظراتنا!”، تقول السيدة مريم، موظفة وأم لأربعة أطفال، كانت فيما مضى تشتري لأبنائها طبقاً متنوعاً من الحلوى قبيل العيد، أما اليوم، وبعد أن “تحررت الأسعار” دون أن تتحرر الجيوب، تكتفي بـ”عينات صغيرة” من السوق الشعبي، مشيرةُ إلى أن الكيلو في هذه الأسواق بات بين 25 و 30 ألف ليرة، “مبلغ لا يبدو كبيراً مقارنة بالسابق، لكنه لا يزال عبئاً على دخل شهري ثابت لا يغطي الاحتياجات الأساسية.
المواد الخام مرتفعة
وفي حديث سريع لـ تفاصيل برس مع أحد أصحاب المحال لم يخلو من بعض العصبية قال: إن “الأسعار بالحقيقة هبطت، لكن أسعار المواد الأولية غير مستقرة، بالإضافة لارتفاع سعر الغاز وارتفاع أجور النقل التي انعكست على أجور العمال من جهة وعلى نقل المواد الأولية والمصنعة من جهة أخرى، مؤكداً أن المحال تسعى اليوم للعودة إلى السوق أكثر من جني الأرباح”.
السيدة ديما، ربة منزل، وجدت في المطبخ حلاً أوفر، “أصنع المعمول والبرازق بنصف السعر تقريباً، والطعم، بحسب أولادي، أفضل من السوق”، فيما أوضح رامز، موظف ورب أسرة، لا يزال يجد نفسه في معادلة صعبة: حتى بعد انخفاض الأسعار، الحلوى لحالها بدها 200 ألف، ولسا في لباس، لحمة، مواصلات… العيد ما بقا متل زمان”.
وبين أسعار انخفضت لكن لم تنخفض معها الهموم، وأسواق صارت أقرب للواقع لكنها لا تزال أعلى من القدرة، يبقى حضور الحلوى على موائد العيد باهتاً، ومع ذلك، لا تزال الأمهات السوريات حارسات الفرح، يصنعن البهجة من فتات الإمكانيات، ليولد عيد جديد من رحم المعاناة، بنكهة رضا رغم كل شيء.