دمشق (بلال الخلف) – تفاصيل برس
اختتمت، يوم الخميس، أعمال البعثة الاستطلاعية لصندوق النقد الدولي إلى سورية، في زيارة مثّلت – وفق مصادر رسمية – خطوة “تشاورية فنية” نحو بحث سبل تحقيق استقرار اقتصادي ومالي.
يأتي ذلك مع بلد يعاني من أزمة خانقة منذ أكثر من 13 عامًا، فما الذي قد خلصت إليه اجتماعات ممثلي صندوق النقد الدولي مع وزير المالية وحاكم مصرف سوريا المركزي؟
إشارات أولية: خطوات تقنية لا اتفاقات مالية
بحسب بيان لوزارة المالية السورية، فقد ناقشت البعثة مع الجهات المعنية “خلاصة أعمالها وتوصياتها”، وتم التفاهم على مجموعة أولويات لمتابعتها على المدى القصير، تشمل:
- تقديم الدعم الفني في مجال الإصلاح الضريبي والجمركي، في محاولة لتوسيع القاعدة الضريبية ورفع كفاءة التحصيل.
- تحسين جودة البيانات الاقتصادية، من خلال المساعدة في إعداد إحصاءات الحسابات القومية وميزان المدفوعات.
- إرساء أرضية أولية للسياسة النقدية، التي عانت في السنوات الأخيرة من غياب واضح في الاستهداف والتوجيه.
- مراجعة خطة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي إحدى النقاط الحساسة في العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية.
- المساهمة في تطوير الإدارة المالية الحكومية، بهدف ضبط الإنفاق وتحسين الشفافية.
برنامج استقرار مالي قصير الأمد قيد التحضير
كما تم الاتفاق على مواصلة التعاون في إعداد برنامج للاستقرار الاقتصادي والمالي قصير الأمد، يُتوقع أن يركّز على ضبط التضخم، وإدارة سعر الصرف، وتحسين القدرة الشرائية المتدهورة للمواطنين.
ورغم أن البيان لم يتحدث عن أي مساعدات مالية مباشرة أو قروض، إلا أنه عكس، بحسب مراقبين، “انفتاحاً خجولاً” من قبل النظام السوري على المؤسسات المالية الدولية، وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ومعدلات فقر تتجاوز 90%، وتدهور كبير في العملة الوطنية.
انطباعات “إيجابية” ولكن بدون تعهدات
البعثة خرجت، حسب البيان، بانطباعات إيجابية حول ما وصفته بـ”الحرص على الإصلاح والتغلب على التحديات لإعادة بناء الاقتصاد السوري”، وهي لهجة دبلوماسية معتادة في أدبيات الصندوق، لكنها لا تعني بالضرورة موافقة على منح تمويل أو دعم سياسي للنظام.
تحفظات دولية وشروط غائبة عن الإعلام
وبينما تتجنب التقارير الرسمية السورية الحديث عن شروط أو مطالب الصندوق، يشير خبراء إلى أن التعاون مع هذه المؤسسة غالباً ما يترافق مع توصيات “إصلاحية صارمة”، تتضمن تقليص الدعم، وتحرير الأسعار، وتقييد الإنفاق العام، وهي خطوات قد تُفاقم من معاناة الطبقات الفقيرة إذا لم تترافق بسياسات حماية اجتماعية فاعلة.
رسائل سياسية خلف المشهد الاقتصادي
تأتي هذه الزيارة في سياق متغير إقليمي ودولي، تحاول فيه دمشق كسر عزلتها الاقتصادية تدريجيًا، لا سيما بعد استعادة مقعدها في الجامعة العربية. ورغم أن صندوق النقد الدولي هو جهة “فنية مستقلة”، إلا أن تحركاته لا تنفصل عن المزاج الدولي العام والمواقف الغربية، التي لا تزال حتى الآن ترفض تطبيع العلاقات الاقتصادية مع النظام، دون تقدم في الملف السياسي والإنساني.