وكالات – تفاصيل برس
أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن توقيع اتفاقية تعاون جديدة مع الحكومة السورية، تتناول مجالات الزراعة والتغذية والطب، في خطوة تشير إلى انفتاح تدريجي في العلاقات التقنية بين دمشق والوكالة بعد سنوات من القطيعة.
الاتفاق جرى توقيعه خلال زيارة المدير العام للوكالة، رفائيل غروسي، إلى دمشق مطلع الأسبوع الماضي، وشمل إدراج سوريا في مبادرتين دوليتين أطلقتهما الوكالة: الأولى تحمل عنوان “الذرات من أجل الغذاء” وتهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي باستخدام تقنيات نووية متقدمة، والثانية تُعرف بـ”أشعة الأمل” وتُعنى بتطوير إمكانات تشخيص السرطان وعلاجه، خاصة في البلدان التي تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة للعلاج الإشعاعي.
ورغم عدم إعلان جدول زمني واضح لتنفيذ بنود الاتفاقية، شدد غروسي، في كلمته أمام مجلس محافظي الوكالة، على أن الشراكة الجديدة تسعى إلى إحداث أثر ملموس في حياة السوريين من خلال مشاريع تنموية وتكنولوجية متقدمة، مشيراً إلى أن الحوار مع الجانب السوري يشمل أيضاً بحث إمكانية استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية في المستقبل.
وأكد غروسي أن الحكومة السورية أعربت عن استعدادها للتعاون الكامل مع الوكالة، بما يشمل فتح المواقع المرتبطة بأنشطتها النووية السابقة أمام مفتشي الوكالة، في إطار التزاماتها بالشفافية وعدم الانتشار النووي، وهي خطوة وصفها بأنها “جوهرية” لإنهاء ملف ظل عالقاً لسنوات طويلة.
وخلال وجوده في دمشق، التقى غروسي الرئيس السوري، أحمد الشرع، الذي أبدى اهتماماً باستخدام الطاقة النووية في دعم القطاعات الحيوية كالصحة والزراعة.
كما أعربت الوكالة عن استعدادها لتقديم معدات خاصة بالطب النووي والمساهمة في إعادة تأهيل البنى التحتية للعلاج الإشعاعي، ضمن جهود لتعزيز النظام الصحي الذي تأثر بشكل كبير نتيجة الحرب الممتدة منذ أكثر من عقد.
الذرات من أجل الغذاء
تهدف المبادرة إلى تسخير التكنولوجيا النووية في دعم الإنتاج الزراعي والحيواني، وتحسين جودة الغذاء وسلامته، وتقليل الهدر، والتأقلم مع تأثيرات تغير المناخ. وتعتمد المبادرة على خبرات مشتركة بين الوكالة الذرية ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، ضمن شراكة بدأت منذ نحو ستين عاماً.
أشعة الأمل
تركز هذه المبادرة على الدول التي تفتقر إلى مرافق العلاج الإشعاعي، وتسعى إلى دعمها من خلال توفير المعدات اللازمة، وبناء الكوادر وتطوير الأطر التشريعية، بما يضمن تأسيس نظام متكامل لعلاج السرطان يستند إلى الاستدامة والفعالية بحسب ظروف كل بلد.
مخاوف من نشاط نووي سابق
رغم أجواء التعاون الجديدة، لم يُخفِ المدير العام للوكالة قلقه من احتمال وجود يورانيوم مخصب في مواقع سورية غير معلنة.
وأشار إلى أن الوكالة تسعى لاستئناف عمليات التفتيش في عدد من المواقع، منها مفاعل دير الزور الذي تعرض للتدمير عام 2007، ومنشآت أخرى في دمشق وحمص، كانت جزءاً من البرنامج النووي السوري السابق.
وتُرجّح تقارير أممية أن سوريا كانت تدير برنامجاً نووياً غير مُعلن في عهد نظام الأسد، بالتعاون مع كوريا الشمالية، ما أثار مخاوف دولية من وجود نوايا خفية لتطوير أسلحة نووية. ودُمر المفاعل غير المعلن في دير الزور بغارة جوية إسرائيلية، ثم أقدم نظام الأسد على إزالة بقاياه وتسوية الموقع بالكامل.
وهذه المرة الأولى التي تتحدث فيها الوكالة علناً عن دعم فني مباشر لقطاعات مدنية سورية بعد سنوات من الشكوك والتوتر السياسي.