عبدالله عبدون – تفاصيل برس
ضربة طهران لم تكن مجرّد ضربة عابرة في إطار المواجهة التقليدية، إنما عملية ستعيد رسم خطوط النفوذ في منطقة تئنّ من تداخل المحاور وتبدّلات موازين القوى.
الصواريخ التي استهدفت المنشآت الإيرانية أحدثت ضرراً في قدراتها الصاروخية والإقليمية، لكنه لم يخلق فراغاً سوى لملئها إسرائيل وتوسيع نفوذها في ساحات متعددة، بدءاً من لبنان مروراً بالعراق ووصولاً إلى سوريا واليمن.
الطبيعة المعلوماتية الاستخباراتية للضربة تكشف أن الهدف لا يقتصر على تخفيف تهديدات مباشرة، بل على إعادة الشروط الاستراتيجية للغرب وإسرائيل في المنطقة، من خلال إضعاف بنية القرار الإيرانية ، تتضح في هذا السياق حسابات دول كالسعودية وقطر وتركيا فالتصريحات الرسمية الصادرة عنها ليست ردود فعل عاطفية، بل تعكس خلاصات دراسات استراتيجية حول سيناريوهات ما بعد الضربة لأن ذلك يزيد من اريحية تحرك إسرائيل في المنطقة وذلك أمر بات يقلق هذه الأنظمة.
وتستند إلى مشاريع اقتصادية واستثمارية طويلة الأجل تهدف إلى فتح قنوات بديلة للتبادل التجاري والطاقة، بعيداً عن تأثيرات “المحور الإيراني”.
جاءت هذه الخطوات بمثابة تحركات شطرنجية دبلوماسية، حيث تُحسب كل خطوة من خلال توقع الخطوة المضادة، سواء على جبهة الرد التكتيكي – عبر استهداف قواعد أميركية في الخليج أو خروقات جوية – أو عبر أدوات الردع غير التقليدية كالأنشطة السيبرانية.
السبب في أن العلاقات مع الغرب وإسرائيل تحولت إلى شبكة توازنات متعددة هو أن أي دولة عربية باتت مدركة أن الاصطفاف التقليدي بين “شرق وغرب” لم يعد مجدياً، بل يعتمد الآن على حجم أوراق الضغط والمفاوضة التي تمتلكها كل دولة على حدى، ولضمان هامش تحرك مستقل، لا بد من تعزيز التنسيق الإقليمي عبر حوارات استراتيجية مشتركة داخل تجمعات إقليمية أو في منابر دولية، بعيداً عن انعدام الثقة أو الانجرار وراء الوصاية.
كما أن الاستثمار في التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخلياً هو الضمان الأوثق للاستقرار؛ فالفراغ السياسي سَيُملؤه دوماً من يقدم مشروعية وحماية، مهما تعددت القوى وتناقضت مصالحها.
ختاماً، يجب أن يرى صانع القرار أن لحظة “الفرح بضرب إيران” ليست أكثر من بداية لفصل جديد في صراع طويل الأمد و الرهان الآن ليس على الانتصار العسكري المؤقت، بل على بناء تكتلات مستدامة تُدير التوازنات وتطوّر أدوات الضغط والتفاوض، بما يُحصن السيادة ويعزز الأمن الإقليمي، بعيداً عن انفعالات اللحظة العابرة.
وصحيح أن ضرب إيران أدخل السرور في قلوبنا
لكن بعض لحظات الفرح خادعة
ما يجري ليس نهاية بل افتتاحية مشهد طويل ومضطرب
المنطقة تعاد هندستها بهدوء مريب
تصريحات السعودية وقطر وتركيا لا تقرأ كاصطفاف آني و عاطفي
انما كحسابات دقيقة لما بعد الضربة
لأن اختلال توازن القوى في المنطقة قد يفتح الباب لصراعات أو تحالفات جديدة