دانا برجاس – تفاصيل برس
في خطوة تحمل أبعاداً اقتصادية واستراتيجية، أعلنت الهيئة العامة للمنافذ عن إعادة افتتاح معبر البوكمال الحدودي بين سوريا والعراق أمام حركة عبور المسافرين والشاحنات، ابتداءً من اليوم السبت.
ويأتي هذا القرار بعد فترة من الإغلاق الجزئي والتقييد الذي شهده المعبر، ما ينعش الآمال في استعادة النشاط التجاري بين البلدين ويمنح دفعة جديدة لحركة التبادل التي ظلّت لسنوات رهينة التوترات الأمنية والقيود اللوجستية.
موقع استراتيجي يعيد رسم خطوط التبادل
يقع معبر البوكمال في نقطة التقاء جغرافية شديدة الأهمية، بين مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي ومدينة القائم العراقية بمحافظة الأنبار. وقد شكّل هذا المعبر لعقود شريانًا برياً أساسياً لمرور البضائع والمسافرين، كما لعب دوراً مهماً في ربط السوق السورية بنظيرتها العراقية، وصولاً إلى الخليج العربي.
قبل اندلاع الحرب في سوريا، كان معبر البوكمال من أنشط المنافذ البرية، وبلغت عبره حركة التبادل التجاري مئات آلاف الأطنان من السلع سنوياً، معظمها من المنتجات الزراعية والصناعية السورية. وتكثف نشاطه بشكل خاص في مواسم التصدير، حيث شكل بوابة رئيسية لتدفق الخضار والفواكه والملابس والمنظفات السورية إلى السوق العراقية، فيما كانت سوريا تستورد بالمقابل مواد أولية وبضائع استهلاكية.
عوائق لوجستية تعرقل انسيابية التجارة
ورغم عودته المحدودة إلى العمل في السنوات الأخيرة، بقيت حركة الشحن عبر المعبر خجولة، لا تتجاوز في بعض الفترات 25 شاحنة يومياً، معظمها تتجه من سوريا إلى العراق، في حين تبقى الواردات العراقية عبر المعبر شبه رمزية. كما ما تزال الشاحنات السورية ممنوعة من دخول الأراضي العراقية بشكل مباشر، ما يضطر المصدرين إلى نقل الحمولة على الحدود إلى شاحنات عراقية، الأمر الذي يرفع الكلفة ويعيق انسيابية التجارة.
مع ذلك، تشير بيانات رسمية إلى أن معبر البوكمال يملك إمكانيات هائلة في حال تم تفعيله بشكل كامل. ففي عام 2020 وحده، سجل المعبر إيرادات تجاوزت 800 مليون ليرة سورية من الرسوم والضرائب، وهي أرقام تعكس أهمية الموقع كمورد مالي مباشر للدولة. كما تجاوز حجم التبادل التجاري بين سوريا والعراق، عبر مختلف المعابر بما فيها البوكمال، مليار دولار خلال عام 2024، بحسب تقارير متطابقة.
الهيئة العامة للمنافذ شدّدت في بيانها على جاهزية الكوادر والإجراءات التنظيمية والأمنية لضمان حسن سير العمل، ودعت جميع المسافرين وسائقي الشاحنات إلى الالتزام بالأنظمة المرعية، في إشارة إلى سعي الحكومة إلى تحويل هذا المعبر إلى نموذج للعودة الآمنة والمنظمة للحركة البرية.
إعادة افتتاح معبر البوكمال ليست مجرد قرار إداري، بل هي مؤشر على تحولات اقتصادية محتملة في المدى القريب، وفرصة لإعادة تموضع سوريا في خارطة التجارة الإقليمية. لكن تحقيق هذه الأهداف يبقى مرهوناً برفع القيود الفنية، وتحسين البنية التحتية، وتوسيع التنسيق الجمركي مع العراق. فعلى رصيف هذا المعبر لا تمر فقط الشاحنات، بل تمر احتمالات الانتعاش الاقتصادي أو استمراره في حالة الانتظار.