دانا برجاس – تفاصيل برس
يشهد الوجود الأميركي في قطاع النفط والغاز في دول الخليج مرحلة حساسة، وسط تصاعد التوترات الإقليمية بسبب النزاع المتصاعد بين إيران وإسرائيل.
وبينما تلعب الشركات الأميركية دوراً أساسياً في مشاريع الطاقة في المنطقة، تثير التطورات السياسية في المنطقة تساؤلات حول مستقبل هذا الوجود والمخاطر الأمنية المحتملة.
لطالما كانت دول الخليج نقطة استراتيجية مهمة لشركات الطاقة الأميركية الكبرى، سواء في الاستكشاف أو الإنتاج أو تقديم الخدمات الفنية. ففي قطر، تواصل شركتا “إكسون موبيل” و”كونوكو فيليبس” شراكتهما الوثيقة مع “قطر للطاقة” في مشاريع الغاز الطبيعي المسال.
أما في السعودية والكويت، فتعمل شركة “شيفرون” في المنطقة المقسومة، إلى جانب شركات أخرى مثل “هاليبرتون” و”شلمبرجير” التي تقدم خدمات حفر وصيانة في عدة حقول برية وبحرية.
وتتمتع هذه الشركات بتاريخ طويل من الشراكات والاستثمارات العميقة التي بنيت على مدى سنوات، مما جعلها جزءاً أساسياً من منظومة الطاقة في الخليج، حيث لا يقتصر دورها على الجوانب التجارية فقط، بل يمتد ليشمل روابط اقتصادية وسياسية متينة بين الولايات المتحدة ودول المنطقة. خبرتها التقنية وتوفرها على تكنولوجيا متقدمة عززا مكانتها كشريك موثوق ومهم في تطوير مشاريع النفط والغاز.
تداخل الأبعاد الأمنية والسياسية
رغم أن نشاط هذه الشركات يرتكز بشكل رئيسي على الجوانب التقنية والتجارية، إلا أنه مرتبط بشكل وثيق بالواقع السياسي المعقد في المنطقة. مع تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب، أصبحت الشركات الأميركية جزءاً من المشهد الأمني الحساس، وقد تجد نفسها عرضة لتداعيات هذا الصراع، رغم أنها ليست طرفاً مباشراً فيه. وخلال الأيام الأخيرة، وبعد الهجمات الإسرائيلية على مواقع إيرانية، وتصريحات طهران بالرد، زادت التحذيرات من احتمال استهداف المصالح الأميركية في الخليج، سواء بهجمات مباشرة أو من خلال وكلاء محليين مرتبطين بإيران، كما حدث في هجمات سابقة على منشآت نفطية في السعودية والإمارات.
وأشارت تقارير وتحليلات متخصصة إلى أن منشآت الطاقة التي تديرها أو تشارك فيها شركات أميركية تُعد من الأهداف المحتملة، ليس فقط كمصالح اقتصادية، بل أيضاً كرموز للنفوذ الأميركي في المنطقة. رغم أن هذه السيناريوهات تبقى احتمالات، إلا أنها دفعت الشركات لاتخاذ إجراءات احترازية صارمة. وتعمل الشركات بشكل مستمر على تعزيز التعاون مع الحكومات المحلية لضمان استقرار العمليات وحماية استثماراتها، مما يجعل دورها في الخليج أكثر من مجرد نشاط اقتصادي، بل جزءاً لا يتجزأ من المشهد الاستراتيجي للمنطقة.
وفي ظل هذه الظروف، تسعى دول الخليج إلى الفصل بين التوترات السياسية والنشاط الاقتصادي، مع الحفاظ على بيئة استثمارية مستقرة رغم التحديات الإقليمية. ويرتفع مستوى التعاون الأمني بين دول الخليج والولايات المتحدة بشكل ملحوظ، خصوصاً فيما يتعلق بحماية البنية التحتية الحيوية التي تضم استثمارات أميركية كبيرة.
وتسعى هذه الدول في الوقت ذاته إلى تفادي أي تصعيد مباشر مع إيران، مع استمرارها في تعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن.
بعيداً عن الجانب الأمني، هناك بعد اقتصادي مهم. فعدم الاستقرار قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التأمين على الإنتاج والنقل، مما يزيد الضغوط على الشركات الأميركية التي تواجه منافسة متزايدة من شركات صينية وروسية تسعى لتوسيع حضورها في المنطقة.