دانا برجاس – تفاصيل برس
في عالم تتسارع فيه الأحداث ويشتد فيه السعي وراء لقمة العيش، يواصل قطار الثروة اندفاعه بلا هوادة، حاملاً قلة من المحظوظين نحو قمم مالية جديدة، بينما يقف الملايين على الرصيف بعيون ترقب وأيدٍ فارغة.
تقرير جديد صادر عن شركة “كابجيميناي” الاستشارية يرصد هذا المشهد اللافت: 23.4 مليون شخص باتوا يُصنفون كأفراد ذوي ثروات عالية، بزيادة قدرها 2.6% خلال عام واحد، فيما قفزت ثرواتهم مجتمعة إلى حدود 90.5 تريليون دولار.
هذا التوسع في الثروات لم يأتِ من فراغ. فعوامل مثل الأداء المتفوق لأسواق المال، والنمو المتسارع في قطاعات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، دفعت بمؤشرات مثل “ناسداك” و”ستاندرد آند بورز 500″ إلى مستويات غير مسبوقة، موسعة بذلك دائرة أصحاب الملايين.
محرك النمو الأكبر
على رأس قائمة الدول التي شهدت هذا الزخم، تأتي الولايات المتحدة، حيث انضم أكثر من نصف مليون شخص إلى نادي الأثرياء خلال عام 2024 فقط، ليرتفع عددهم إلى نحو 7.9 ملايين.
يبدو أن الاقتصاد الأمريكي، مدفوعاً بزخم الابتكار التكنولوجي، ما زال يمثل بيئة خصبة لتكوين الثروات بوتيرة متسارعة.
أوروبا تتراجع وآسيا في مفترق طرق
لكن الصورة ليست متجانسة عالمياً. ففي أوروبا، تراجع عدد الأثرياء بنسبة 2.1%، متأثراً بركود اقتصادي في بعض الدول الكبرى، وسجلت فرنسا وحدها خسارة بـ 21 ألف مليونير.
أما آسيا، فمشهدها أكثر تعقيداً: اليابان والهند تمكّنتا من تحقيق نمو، فيما شهدت الصين انكماشاً طفيفاً في أعداد الأثرياء.
أرقام صادمة.. وواقع مأزوم
تترافق هذه الطفرات في الثروات مع مفارقة صارخة: ملايين البشر حول العالم يرزحون تحت أعباء اقتصادية متزايدة.
تقرير سابق لمنظمة “أوكسفام” أشار إلى أن 1% من سكان العالم استحوذوا على ما يزيد عن 42 تريليون دولار خلال العقد الماضي، بينما “يقتسم البقية الفتات”، وفق وصف التقرير.
ثروة تتضخم… وضريبة تتآكل
وبينما تتضخم حسابات أصحاب المليارات، فإن ما يُفرض عليهم من ضرائب يتضاءل مع الوقت. هذا التراجع في السياسات الضريبية يثير علامات استفهام حول العدالة الاجتماعية، ومصير الخدمات العامة التي تعتمد على تلك الإيرادات.
أمام مفترق طرق
تضع هذه المؤشرات المجتمع الدولي أمام معادلة صعبة: كيف يمكن التوفيق بين النمو الهائل في ثروات قلة من الأفراد، والاحتياجات المتزايدة لأغلبية تسعى فقط لحياة كريمة؟ وبينما يواصل البعض تسلق القمم بثقة، يظل آخرون عالقين في أسفل الجبل، بانتظار فرصة للصعود قد لا تأتي.