إبراهيم مخلص الجهني – تفاصيل برس
في ظل الحديث عن مستقبل الاقتصاد السوري، تبرز تساؤلات كثير عن تأثير استيراد معامل السيارات على سعر صرف الدولار، وهل يؤدي هذا التوجه الصناعي إلى ضغوط على سوق الصرف؟ أم أنها تؤدي إلى تمهيد الطريق للوصول للاستقرار النقدي.
طرح الخبير الاقتصادي جورج خزام مقاربة مختلفة قد تبدو خارج المألوف، لكنها تستند إلى قراءة لحركة رأس المال والإنتاج، معتبراً أن معظم رؤوس الأموال التي تشتري المصانع تستمد في الحقيقة من مدخرات المنازل أو من أرصدة مصرفية موجودة في الخارج، ما يعني أنها ليست من الكتلة النشطة المالية في السوق السورية حالياً، وبالتالي، فإن تحويل هذه الأموال نحو استيراد معدات للمعامل والمصانع لا يشكل ضغط على الدولار في السوق.
ما بعد الاستيراد
لكن الخبير يقرأ المرحلة التي تأتي بعد الاستيراد، إذ يؤكد أن تشغيل هذه المصانع ينتج سلسلة اقتصادية متكاملة تبدأ من تخفيف الاعتماد على المستوردات، إلى توفير فرص عمل جديدة، ومن ثم رفع للدخول، حتى نصل إلى تنشيط الاستهلاك والإنتاج المحلي.
وإما عن مخاطر قيام المستثمر لاحقاً باسترجاع رأس ماله من الأرباح وتحويله إلى الدولار يرى خزام إن هذا الاحتمال لا يجب أن يقلق، طالما أن المصنع حقق أرباحه من إحلال الواردات أو من التصدير، فهنا يكون الدولار قد دخل إلى السوق من خلال الإنتاج، وليس مجرد مضاربة على سعر الصرف.
أثر إيجابي
ويجد خزام أنه في حال تم تمويل شراء المصنع عبر الليرة السورية، من خلال تحويلها إلى دولار بغرض الاستيراد، فإن السوق قد تشهد ارتفاع مؤقت في سعر الصرف نتيجة زيادة الطلب على العملة الصعبة، لكن الأثر الإيجابي سيظهر في وقت لاحق، عندما تبدأ العجلة الإنتاجية بالدوران، ويبدأ المصنع بتأمين السوق المحلي وتقليص فاتورة الاستيراد، ما يخفف الضغط على الليرة ويعيد التوازن إلى السوق.
ولا يرى خزام أن الدولار يدار بقرارات مركزية بقدر ما يدار عبر قدرة الاقتصاد الحقيقي على الإنتاج والتصدير، فكل مصنع يقلل من الحاجة للاستيراد، أو يضيف قيمة للتصدير، هو بمثابة “درع واق” لليرة السورية، وهذا ما يجعل من استيراد المصانع خياراً لا يجب أن يعامل كخطر مالي، بل كفرصة بنيوية لإعادة بناء الاقتصاد من الداخل.
ففي ظل التحديات المالية والنقدية الراهنة، تبقى المعادلة الحقيقية في سوريا بين إنتاج محلي مستدام، وبين استقرار في سعر الصرف، وأن عملية استيراد المصانع إن تمت وفق رؤية إنتاجية واضحة وتمويل مدروس، لا تعتبر تهديد بل خطوة على طريق التعافي الاقتصادي