علي محمود سليمان – كاتب سوري
سوريا كانت وستبقى أرض ولّادة للتاريخ ولا تقف على أحد.
فكل الشعوب والحضارات التي مرّت عليها اندثرت وابتلعها التاريخ ولم يبقى منها إلا الأثر.
ونحن كسوريين في هذا العصر لن نختلف عمن سبقونا فإما نترك أثراً يخلده التاريخ وإما نصبح عصفاً منسياً، ومهما طال عمر الشعوب فهي مجرد أيام معدودة في تاريخ جغرافيا البلاد.
وسوريا كجغرافيا قد مرَّ عليها من الأعداء والطامعين ما لا عدّ لهُ ولا حدّ وكلهم دون استثناء ذهبوا مع الريح وبقيت سوريتنا عصية وشامخة.
ولن يختلف وضع العدو الإسرائيلي اليوم عمن سبقوه وحاولوا أن يطعنوا في الجغرافيا السورية.
الفارق في كل هذا التاريخ كان وحدة حال الشعوب التي عبرت هذه الجغرافيا أو فُرقتهم.
فمن كانوا على عقد واحد وكلمة واحدة ما هانوا ولا ذلوا وكانت لهم اليد العليا، ومن تفرقوا وتصادموا ورخصت عندهم الأخلاق والقيم خسئوا وخسروا.
والتاريخ لا يعيد نفسه إلا كدروس وعبر ومن لم يقرأ تاريخ بلده يبقى جاهلاً غافلاً مهما علا شأنه، واليوم كسوريين أمامنا فرصة واحدة لن تتكرر.
فإما نعلو معاً وإما نهون معاً، وكونوا على ثقة بأننا لن ننجو مما هو محاك لنا إلا معاً.
إسرائيل كانت ومازالت وستبقى هي العدو الأول والأخير للشعب السوري، لكنها وبرغم كل جبروتها لن تنال مرادها إن كنا يداً واحدة لا تفرقنا التعصبات العمياء.
فإما أن نكون جميعاً ننتمي لسوريا فقط ودونها تسقط كافة الانتماءات والتحزبات والولاءات، وإما فكلنا شركاء في هذا الخراب، وكلنا قاتل وكلنا مقتول.
وسوريا الوطن التي صنعت التاريخ قادرة أن تصنع مستقبلاً يُضاف إلى أمجادها… لكنه مرهون بنا فإما يبدأ بأيدينا أو ينتهي عليها.

























































































