رنيم الأحمد (الحسكة) – تفاصيل برس
تعاني مدينة الحسكة ومعظم مدن وبلدات الجزيرة السورية من أزمة خبز خانقة منذ أشهر، على الرغم من أن المنطقة تُعرف تاريخيًا بأنها “سلة قمح سوريا”، وكان من المفترض أن يُغني إنتاجها الوفير السكان عن الطوابير والمعاناة اليومية، حتى مع انه هذا العام جفاف لكن يفترض ان يكون المخزون الاحتياطي للقمح واف وكاف.
لكن الواقع مختلف تمامًا؛ إذ تتهم شريحة واسعة من الأهالي السلطات المحلية بالتقصير، وسط حديث عن تفشي الفساد وغياب الرقابة ووجود سرقات ممنهجة لكميات كبيرة من القمح، فضلاً عن الانقسام السياسي الذي مزّق المنظومة الإدارية لسنوات بين سلطة نظام الأسد المخلوع في بعض الجيوب، والإدارة الذاتية الكردية التي تدير معظم المنطقة.
ومنذ سقوط نظام الأسد المخلوع واستلام قسد زمام السيطرة على كامل المؤسسات الحكومية في المدينة، بما فيها الأفران والمطاحن، تفاقمت الأزمة بشكل غير مسبوق، وازدادت شكاوى المواطنين من النقص الحاد في الخبز وغياب الشفافية في توزيعه.
قرار جديد
وأصدرت بلدية الحسكة اليوم قرارًا جديدًا يقضي بتوزيع الخبز على العائلات بشكل يومي وفق عدد أفراد الأسرة؛ بحيث تُخصّص ربطة واحدة للعائلات التي يتراوح عدد أفرادها بين شخص واحد وخمسة، وتُمنح ربطتان للعائلات التي تضم من ستة إلى عشرة أشخاص، أما العائلات التي يزيد عدد أفرادها عن عشرة فتُخصص لها ثلاث ربطات يوميًا.
تحتوي الربطة الواحدة على 11 رغيفاً بوزن إجمالي يبلغ 900 غرام، وتُباع بسعر 3000 ليرة سورية، بينما تُوزع ضمن الكومينات بسعر رمزي يبلغ 500 ليرة.
ويُلزم القرار جميع الأفران في مدينة الحسكة البالغ عددها 20 فرناً منها 4 عامة و16 خاصة، بتطبيق هذا النظام الجديد.
لكن هذا الإجراء قوبل بسخرية واسعة من السكان، الذين يرون أن الكميات المحددة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات الأسرة.
جودة خبز متدنية
عبّر أحد سكان حي القضاة في مدينة الحسكة، في تصريح لـ”تفاصيل بريس”، عن استيائه الشديد من تدهور جودة الخبز وسوء نوعيته، قائلاً: “ما نأكل حتى نشبع… يُعطوننا أزمة مغلّفة بقرار!”
وأضاف: “الخبز الذي يُوزَّع على الأهالي من أسوأ الأنواع، وإن لم نحصل عليه من الكومين بسعر 3500 ليرة، نضطر لشرائه من السوق السوداء بأكثر من ٧ آلاف، وهذا ظلم بيّن”.
ورغم إدراكه أن البلاد تمرّ بعام جفاف وقلة إنتاج، إلا أنه تساءل عن مصير محاصيل الأعوام السابقة قائلاً: “أين ذهبت المواسم السابقة؟ الأزمات كثيرة، ونصفها على الأقل مفتعل”.
خبز لا يكفي
وشدّد على أن الخبز حق أساسي لكل مواطن، لافتًا إلى عدم عدالة الكميات الموزعة: “إذا كانت الأسرة مكوّنة من زوجين وثلاثة أطفال، فإن ربطتي خبز لا تكفيهم. فكيف حُدّد أن ستة أشخاص يمكن أن يكتفوا بربطة واحدة؟ هذا ليس عدلًا بأي مقياس”.
ويخشى كثير من السكان الذين التقتهم تفاصيل بريس أن تتحوّل أزمة الخبز من حالة طارئة إلى واقع دائم، خاصة في ظل غياب الحلول الجذرية وارتباك الأداء الإداري.
في وقتٍ تزداد فيه الضغوط المعيشية على الأهالي يومًا بعد يوم، لا يبدو أن هناك أفقًا واضحًا لمعالجة الخلل البنيوي في إدارة القمح والخبز، وسط استمرار الاتهامات بالتلاعب والفساد، وانعدام آليات المساءلة والمحاسبة.


























































































