بلال الخلف – تفاصيل برس
في تصريحات لافتة، كشف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن مخاوف جدّية داخل الأوساط السياسية الأمريكية من تعرض الرئيس السوري أحمد الشرع لمحاولة اغتيال، نتيجة نهجه الإصلاحي وسعيه لتكريس نموذج حكم شامل ومنفتح على الغرب.
وقال المبعوث، في حوار مع موقع “المونيتور“، إن الإدارة السابقة كانت “قلقة للغاية من أن جهود الشرع نحو الانفتاح وبناء حكم جامع، خاصة ما تحقق في إدلب، قد تجعل منه هدفًا لفصائل مسلحة ناقمة تسعى لعرقلة مسار الاستقرار”.
وأضاف أن “هناك حاجة ماسة إلى بناء نظام حماية متكامل حول الشرع، ليس فقط على المستوى الأمني، بل الاستخباراتي والسياسي كذلك”، مشددًا على أن واشنطن لا ترى في التدخل العسكري حلاً، بل تفضل “التعاون الوثيق وتبادل المعلومات بين حلفاء الولايات المتحدة لردع المهاجمين المحتملين”.
المبعوث الأمريكي أثنى على شخصية الشرع، واصفًا إياه بأنه “ذكي، واثق، يملك تركيزًا عاليًا ورباطة جأش نادرة”، رغم ما أشار إليه التقرير من محاولات تقليل أهمية ماضيه الجهادي.
وأكد أن “مصالحنا ومصالح الشرع تتطابق اليوم، لا سيما في بناء مجتمع إسلامي معتدل، فعال وشامل، يعيد تعريف الدولة في سوريا بعد أكثر من عقد من الصراع والتمزق”، لافتًا إلى أن ما تم تحقيقه في إدلب يقدم نموذجًا قابلًا للتكرار في باقي المناطق السورية.
وحول التحديات المقبلة، أشار المبعوث إلى ملفات شائكة ما تزال على طاولة الشرع، أبرزها “دمج القوات الكردية في الجيش الوطني، معالجة وضع المقاتلين الأجانب، وإعادة هيكلة معسكرات الاعتقال في شمال شرق البلاد”، مضيفًا أن “كلما تأخرت المساعدات الاقتصادية، ازدادت احتمالية سعي الفصائل المسلحة لإحداث فوضى منظمة”.
وعن قرار ترمب السابق برفع العقوبات عن سوريا، قال المبعوث: “كان قرارًا عبقريًا، لم تفرض معه أي شروط. نحن لا نقوم ببناء دول، لقد جربنا ذلك وفشلنا، بل نترك الشعوب تبني أوطانها، وما نفعله هو إزالة العوائق”.
قد يهمك: اتفاق جديد بين سوريا والوكالة الذرية يشمل الغذاء والسرطان والطاقة النووية
كما دعا إلى “فهم جديد للعلاقة مع دمشق”، موضحًا أن “الطريقة الوحيدة لبقاء سوريا هي بإنهاء وجود الكيانات المسلحة غير الوطنية، والسماح للأقليات بممارسة ثقافاتها ضمن هوية وطنية سورية جامعة”.
وفي سياق تصاعد التوتر في الساحل السوري وسجالات العنف الطائفي، أثنى المبعوث على قدرة حكومة الشرع على ضبط الإيقاع رغم هشاشتها، وقال: “أحترم قدرتهم على إدارة ما لديهم من موارد، والحفاظ على ثباتهم في وقت يسعى فيه الجميع لإشعال الحرائق ونسبها إليهم”.
كما أبدى المبعوث أمله بأن تتمكن سوريا وإسرائيل من التوصل إلى “تفاهم صامت”، يمنع أي انخراط عسكري في هذه المرحلة، واصفًا أي مواجهة حاليًا بأنها ستكون “كارثية على الطرفين”.
واختتم المبعوث حديثه برسالة واضحة: “هدفنا اليوم هو إزالة العوائق أمام تعافي الاقتصاد السوري، كي تتمكن دول الخليج وتركيا والسوريون أنفسهم من صناعة التغيير. نحن لا نفرض شروطًا، بل نغمر الساحة بالأمل، وحتى وإن لم يحصل السوريون بعد على الماء أو الكهرباء، فإن رؤية مولد كهرباء قيد الإنشاء كفيلة بزرع الأمل، وقطرة منه أقوى من خزان مليء بالواقع القاتم”.
هذه التصريحات، التي تأتي في ظل ظروف دولية متصاعدة حيال الملف السوري، تطرح أسئلة كبيرة حول موقع الشرع الحقيقي في المعادلة الدولية، وحجم التغير الذي باتت واشنطن مستعدة لقبوله، بل والدفاع عنه.